ولم يَنْهَهُ، وقال الله كذا ولم يقل ذلك، وأحلَّ كذا، وحرَّمَ كذا، وأوجب كذا، وكره كذا، ولم يُحِلَّ ذلك، ولا حرَّمه، ولا أوجبه، بل هو (١) فعل ذلك من تلقاء نفسه كاذبًا مفتريًا على الله، وعلى أنبيائه، وعلى رسله، وعلى (٢) ملائكته، ثُمَّ مكث من ذلك ثلاثَ عشرة سنةً يَسْتَعْرِضُ عبادَهُ: يسفك دماءهم، ويأخذ أموالَهم، ويسترقُّ نساءَهم وأبناءهم، ولا ذنب لهم إلا الردُّ عليه ومخالفَتُهُ، وهو في ذلك كلِّه يقول: الله أمرني بذلك، ولم يأمره، ومع ذلك فهو سَاعٍ في تبديلِ أديان الرسُل، ونَسْخِ شرائعهم، وحَلِّ نواميسهم.
فهذه حاله عندكم، فلا يخلو: إمَّا أن يكون الرَّبُّ -تعالى- عالمًا بذلك مطَّلِعًا عليه من حاله، يراه ويشاهده، أم لا.
فإن قلتم: إنَّ ذلك جميعه غائبٌ عن الله لم يعلم به = قَدَحْتُم في الرَّبِّ تعالى، ونسبتموه إلى الجهل المفرِط، إذ لم (٣) يطَّلع على هذا الحادث العظيم، ولا عَلِمَهُ (٤)، ولا رآه.
وإن قلتم: بل كان ذلك كلُّه (٥) بعلمه واطِّلاَعه ومشاهدته، قيل لكم: فهل كان قادرًا على أن يُغَيِّر ذلك، ويأخُذَ على يده، ويَحُولَ بينه وبينه أم لا؟ فإن قلتم: ليس قادرًا على ذلك؛ نسبتموه إلى العجز المنافي للربوبية، وكان هذا الإنسان هو وأتباعه أقدر منه على تنفيذ إراداتهم.
(٢) ساقط من (ن) و (ك) و (ح) و (م) و (ط).
(٣) بعده في (ز) زيادة: يعلم.
(٤) ساقط من (ز).
(٥) ساقط من (ن) و (ك) و (ح) و (ط) و (م).