ممَّا يُلْقِيه إليكم عَنَّا؛ لأخَذْنا بيده، ثُمَّ عاقبناه بقطع "الوتين"، وإلى هذا المعنى ذهب الحسن" (١) انتهى.
فقد أخبر -سبحانه- أنَّه لو تقوَّلَ عليه شيئًا من الأقاويل لما أقرَّهُ، وَلَعَاجَله بالأخْذِ والعقوبة، فإنَّ كَذِبًا على الله ليس كَكَذِبٍ على غيره، ولا يليق به أن يُقِرَّ الكاذب عليه، فضلاً عن أن ينصرَهُ ويؤيدَهُ ويصدِّقَهُ.
وقوله تعالى: ﴿ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ (٤٦)﴾ [الحاقة: ٤٦]؛ ""الوَتيْنُ": نِيَاطُ القلب؛ وهو عِرْقٌ يجري في الظَّهْر حتَّى يتصل بالقلب، إذا انقطع بَطَلَت القُوَى، ومات صاحبه" (٢). هذا قول جميع أهل اللغة (٣).
قال ابن قتيبة: "ولم يُرِدْ أنَّا نقطع ذلك العرقَ بعينه، ولكنه أراد لو كذب علينا لأمتناه أو قتلناه، فكان كمن قُطِعَ وَتينُهُ. قال: ومثله قول - ﷺ -: "ما زالت أكلةُ خيبر تُعَادُّني، وهذا أوَانُ انقطاع (٤) أبْهَري" (٥).
(٢) هذا لفظ الواحدي في "الوسيط" (٤/ ٣٤٩)، وسوف ينقله المؤلف معزوًّا إليه كما يأتي في (ص/ ٥٨٤).
(٣) انظر: "خلق الإنسان" للأصمعي (٢١١) ضمن "الكنز اللغوي"، وللزجَّاج (٧٧)، و"غاية الإحسان في خلق الانسان" للسيوطي (٢٥٦).
(٤) في (ن) و (ك) و (ح) و (ط): قطعت.
(٥) أخرجه: عبد الرزاق في "المصنف" رقم (١٩٨١٥)، وأحمد في "المسند" (٦/ ١٨) رقم (٢٣٩٣٣)، والبخاري تعليقًا رقم (٤٤٢٨)، وأبو داود في "سننه" رقم (٤٥١٢ و ٤٥١٣)، والحاكم في "المستدرك" (٣/ ٥٨ و ٢١٩) وصححه.
واختلف في وصله وإرساله، قال أبو داود: "وكلٌّ صحيحٌ عندنا".
وانظر: كلام الحافظ في "الفتح" (٧/ ٧٣٧)، و"تغليق التعليق" (٤/ ١٦٢).