فنقول وبالله التوفيق:
ذكر الله -سبحانه- في كتابه مراتب اليقين، وهى ثلاثةٌ: حقُّ اليقين، وعلمُ اليقين، وعينُ اليقين، كما قال تعالى: ﴿كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ (٥) لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ (٦) ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ (٧)﴾ [التكاثر: ٥ - ٧]، فهذه ثلاث مراتب لليقين:
أوَّلُها: عِلْمُهُ؛ وهو التصديقُ التامُّ به، بحيث لا يعرض له شَكٌّ ولا شبهةٌ تقدح في تصديقه، كعلم اليقين بالجَنَّة مثلاً، وتَيَقُّنِهم أنَّها دارُ المتقين ومَقَرُّ المؤمنين. فهذه مرتبة العلم؛ لِتيقُّنِهم (١) أنَّ الرُّسُل أخبروا (٢) بها عن الله، وتَيَقُّنِهم صِدْق المُخْبِر.
المرتبة الثانية: "عين اليقين"؛ وهي مرتبة الرؤية والمشاهدة، كما قال تعالى: ﴿ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ (٧)﴾ [التكاثر: ٧].

= يقصد بها التعريف والتخصيص، والشيء لا يتعرَّف بنفسه، وما ورد من ذلك في القرآن أو كلام العرب فمحمولٌ على أنَّه أضاف -في الأصل- إلى موصوفٍ محذوفٍ، وأقام صفته مقامه. وبه قال: الأخفش، وابن السراج، وأبو علي الفارسي "الإيضاح" (٢٧١).
انظر: "الإنصاف" (٢/ ٤٣٦)، و"ارتشاف الضَّرَب" (٤/ ١٨٠٦)، و"أمالي ابن الشجري" (٢/ ٦٨).
قال شيخ الإسلام: "والأوَّل -أي مذهب الكوفيين- أصحُّ؛ ليس في اللفظ ما يدلُّ على المحذوف، ولا يخطر بالبال، وقد جاء في غير موضعٍ...
وبالجملة فنظائر هذا في القرآن وكلام العرب كثيرٌ". "مجموع الفتاوى" (٢٠/ ٤٨١).
(١) في (ح) و (م): كتيقنهم.
(٢) عبارة "أن الرسل أخبروا" تكررت مرتين في (ز).


الصفحة التالية
Icon