أبي الجنِّ، والبحرين، والجنَّةُ والنَّارُ، وقسَمَ الجنَّةَ إلى: جَنَّتَين عاليتين، وجَنَّتَين دونهما، وأخبرَ أنَّ في كلِّ جنَّةٍ عَيْنَين؛ فناسب كلَّ المناسبة أن يذكر المشرقين والمغربين.
وأمَّا سورة ﴿سَأَلَ سَائِلٌ﴾ فإنَّه أقسَمَ -سبحانه- على عمومِ قُدرته وكمالِها، وصحةِ تعلُّقِها بإعادتهم بعد العَدَم، فذكَرَ "المشارقَ" و"المغارِبَ" بلفظ الجمع؛ إذ هو أدلُّ على المُقْسَم عليه، سواءٌ أُرِيدَ مشارقُ النُّجُومِ ومغاربُها، أو مشارقُ الشمس ومغاربُها، أو كلُّ جزءٍ من جهَتَي المشرق والمغرب. فكُلُّ ذلك آيةٌ ودلالةٌ على قدرته -تعالى- عَلى أن يبدِّل أمثال هؤلاء المكذِّبين، ويُنْشِئَهم فيما لا يعلمون، فيأتي بهم في نشأةٍ أخرى، كما تأتي الشمسُ كُلَّ يومٍ من مَطْلَعٍ، وتذهبُ في مَغْرِبٍ.
وأمَّا في "سورة المزَّمِّل" فذَكَرَ المشرق والمغرب بلفظ الإفراد لَمَّا كان المقصود ذكر ربوبيته ووحدانيته (١)، وأنَّهُ كما تفرَّدَ بربوبية المشرق والمغرب وحده فكذلك يجب أن يُفْرَدَ بالربوبيةِ والتوكُّلِ عليه وحده. فليس للمشرق والمغرب رَبٌّ سواه، فكذلك (٢) ينبغي أن لا يُتَّخَذَ إلهٌ ولا وكيلٌ سواه، ولذلك قال موسى لفرعون حين سأله: ﴿وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ (٢٣)﴾ [الشعراء: ٢٣] فقال: ﴿رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ (٢٨)﴾ [الشعراء: ٢٨].
وفي ربوبيته -سبحانه- للمشارق والمغارب تنبيهٌ على ربوبيته
(٢) في (ز): فلذلك.