أمثالهم. فهذه ثلاثة أمور يجب معرفة ما بينها من الجَمْع والفَرْق:
فحيث وقع التبديلُ بخيرٍ منهم فهو إخبارٌ عن قدرته على أن يذهب بهم، ويأتي بأَطْوَعَ وأتقى له منهم في الدنيا. وكذلك قوله: ﴿وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ (٣٨)﴾ [محمد: ٣٨]، يعني (١): بل يكونوا خيرًا منكم.
قال مجاهد: "يستبدل بهم من شاء من عباده فيجعَلَهُم خيرًا من هؤلاء، فلم يتولَّوا بحمد الله، ولم يستبدل بهم" (٢).
وأمَّا ذِكْرُهُ تبديلَ أمثالهم، ففي "سورة الواقعة" و"سورة الإنسان"، فقال في "سورة الواقعة": ﴿نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ (٦٠) عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنْشِئَكُمْ فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ (٦١)﴾ [الواقعة: ٦٠ - ٦١]، وقال في "سُورة الإنسان": ﴿نَحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلًا (٢٨)﴾ [الإنسان: ٢٨]، قال كثيرٌ من المفسِّرين: المعنى: أنَّا إذا أَرَدْنا أن نخلق خلقًا (٣) غيركم لم يَسْبقْنَا سَابِقٌ، ولم يَفُتْنا ذلك. وفي قوله: ﴿وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلًا (٢٨)﴾ إذا شئنا أهلكناهم، وأتيْنَا بأشباههم، فجعلناهم بَدَلاً منهم.
قال المَهْدَوِيُّ (٤): "قومًا موافقين لهم في الخَلْقِ، مخالفين لهم في

(١) في جميع النسخ: معنى!
(٢) أخرجه: ابن جرير في "تفسيره" (١١/ ٣٣٠)، وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (٦/ ٥٦) إلى: عبد بن حميد. ولفظه عندهما أخصر مما ههنا.
(٣) في (ك): خلقنا.
(٤) هو أحمد بن عمار بن أبي العباس المهدوي، المقريء المفسِّر، النحوي اللغوي، له كتاب: "التفصيل الجامع لعلوم التنزيل"، و"الموضح في تعليل =


الصفحة التالية
Icon