واختلف العلماء: هل "القَلَمُ" أوَّلُ المخلوقات أو "العَرْشُ"؟ على قولين، ذكرهما الحافظ أبو العلاء الهَمَذَاني (١)، أصحُّهُما أنَّ "العرشَ" قبل "القلم" (٢)؛ لما ثبت في "الصحيح" (٣) من حديث عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله - ﷺ -: "قدَّرَ اللهُ مقادِيرَ الخَلاَئِقِ قبلَ أن يخلُقَ السماواتِ والأرضَ بخمسينَ ألْفَ سَنةٍ، وعَرْشُهُ على الماءِ". فهذا صريحٌ في أنَّ التقدير وقع بعد (٤) خَلْق "العَرْشِ"، والتقدير وقع عند أوَّلِ خَلقِ القَلَمِ لحديث عبادة هذا.
ولا يخلو قوله: "إنَّ أوَّلَ ما خلَقَ اللهُ القَلَمَ"... إلى آخره؛ إمَّا أن يكون جملةً أو جملتين:

= وللحديث شواهد، ولطرقه متابعات يتقوَّى بها، وقد حسَّنه: ابن المديني كما في "النكت الظراف" (٤/ ٢٦١).
(١) في (ز) و (ن) و (ك) و (ح) و (م): الهَمْداني، والصواب ما أثبته كما في (ط).
والهَمَذاني هو: أبو العَلاَء الحسن بن أحمد بن الحسن العطَّار، الإمام الحافظ المقريء، شيخ الإسلام في هَمَذان بلا مدافعة، كان إليه المنتهى في القراءات والحديث والأدب، صنَّف: "الانتصار في معرفة قُرَّاء المدن والأمصار"، و"زاد المسافر" وغير ذلك، توفي بهَمَذَان سنة (٥٦٩ هـ) رحمه الله.
انظر: "التقييد" (١/ ٢٩٠)، و"غاية النهاية" (١/ ٢٠٤)، و"السير" (٢١/ ٤٠).
(٢) وهو قول جمهور السلف كما قاله غير واحدٍ، منهم شيخ الإسلام ابن تيمية "مجموع الفتاوى" (١٨/ ٢١٣).
واختاره: البيهقي في "الأسماء والصفات" (٢/ ٢٣٨)، وشيخ الإسلام، وابن كثير في "البداية والنهاية" (١/ ١٣)، والحافظ في "الفتح" (٦/ ٣٣٤)، وغيرهم.
(٣) أخرجه مسلم في "صحيحه" رقم (٢٦٥٣)، بلفظ: "كتب الله... إلخ".
(٤) في (ح) و (م): قبل! وهو خطأ يفسد وجه الاستدلال.


الصفحة التالية
Icon