الجنونَ بنعمته عليه.
وقد اختُلِفَ في تقدير (١) الآية (٢):
فقالت فرقةٌ: "الباء" في ﴿بِنِعْمَةِ رَبِّكَ﴾ بَاءُ القَسَم، فهو قَسَمٌ آخَرُ اعتَرضَ بين المحكُومِ به والمحكوم عليه، كما تقول: ما أنتَ باللهِ بكاذِبٍ.
وهذا التقدير ضعيفٌ جدًّا؛ لأنَّه قد تقدَّمَ القَسَمُ الأوَّلُ، فكيف يقع القَسَمُ الثاني في جوابه؟! ولا يحسُنُ أن تقول: واللهِ ما أنتَ باللهِ بقائمٍ، وليس هذا من فصيح الكلام، ولا عُهِدَ به في كلامهم.
وقالت فرقةٌ: العامل في ﴿بِنِعْمَةِ رَبِّكَ﴾ أداةُ معنى النفْي، أو معنى: انْتَفَى (٣) عنكَ الجنونُ بنعمة ربِّك.
ورَدَّ أبو عمرو بن الحاجب (٤) وغيرُه هذا القولَ بأنَّ الحروفَ لا تَعْمَلُ معانيها، وإنَّما تَعْمَلُ ألفاظُها (٥).
(١) في (ز): تقرير.
(٢) انظر لهذه الأقوال: "معالم التنزيل" (٨/ ١٨٧)، و"الجامع" (١٨/ ٢٢٦)،
و"الدر المصون" (١٠/ ٣٩٩)، و"فتح القدير" (٥/ ٣٥٥)، و"التحرير والتنوير" (٢٩/ ٦٢).
(٣) في جميع النسخ: أنفي، والصواب ما أثبته.
(٤) هو عثمان بن عمر بن أبي بكر الدَّويني، أبو عمرو بن الحاجب، العلامة الفقيه
الأصولي النحوي، شيخ المالكية في زمنه، برع في القراءات واللغة، ومصنفاته سارت بها الركبان، توفي بالإسكندرية سنة (٦٤٦ هـ) رحمه الله.
انظر: "وفيات الأعيان" (٣/ ٢٤٨)، و"السير" (٢٣/ ٢٦٤).
(٥) قال ابن الحاجب في "أماليه" (١/ ٢٤١):
" (الباء) في "بنعمة ربك" متعلِّقةٌ بالنفي، لا بقوله "بمجنون"؛ إذ لو عُلِّق به =
(٢) انظر لهذه الأقوال: "معالم التنزيل" (٨/ ١٨٧)، و"الجامع" (١٨/ ٢٢٦)،
و"الدر المصون" (١٠/ ٣٩٩)، و"فتح القدير" (٥/ ٣٥٥)، و"التحرير والتنوير" (٢٩/ ٦٢).
(٣) في جميع النسخ: أنفي، والصواب ما أثبته.
(٤) هو عثمان بن عمر بن أبي بكر الدَّويني، أبو عمرو بن الحاجب، العلامة الفقيه
الأصولي النحوي، شيخ المالكية في زمنه، برع في القراءات واللغة، ومصنفاته سارت بها الركبان، توفي بالإسكندرية سنة (٦٤٦ هـ) رحمه الله.
انظر: "وفيات الأعيان" (٣/ ٢٤٨)، و"السير" (٢٣/ ٢٦٤).
(٥) قال ابن الحاجب في "أماليه" (١/ ٢٤١):
" (الباء) في "بنعمة ربك" متعلِّقةٌ بالنفي، لا بقوله "بمجنون"؛ إذ لو عُلِّق به =