مصدرٌ، أي: بأيِّكم الفِتنة. والاستفهامُ عن أمرٍ دائِرٍ بين اثنين قد عُلِمَ انتفاؤه عن أحدهما قطعًا، فتعيَّنَ حصولُه للآخر (١).
والجمهور على خلاف هذا التقدير، وهو عندهم متَّصِلٌ بما قبله، ثُمَّ لهم فيه أربعةُ أوجهٍ:
أحدها: أنَّ "الباء" زائدةٌ، والمعنى: أَيُّكُم المَفْتُون. وزيدت في المبتدأ كما زيدت في قولك: بِحَسْبِكَ (٢) أن تفعل. قاله أبو عبيدة (٣).
الثاني: أنَّ "المَفْتُون" بمعنى: الفتنة (٤)، أي: سَتُبصِرُ ويُبْصِرُون

= العامة"، وغير ذلك، توفي سنة (٢٤٧ هـ) رحمه الله.
انظر: "نزهة الألباء" (١٨٢)، و"السير" (١٢/ ٢٧٠).
(١) انظر كلام المازني في: "المحرر الوجيز" (١٥/ ٢٩)، و"البحر المحيط" (٨/ ٣٠٣).
(٢) بعدها في (ط) زيادة: درهم.
(٣) انظر: "مجاز القرآن" (٢/ ٢٦٤).
واختاره: الأخفش في "معانيه" (٢/ ٥٠٥)، وابن قتيبة في "تأويل مشكل القرآن" (٢٤٨)، وقدَّمه القرطبي في "الجامع" (١٨/ ٢٢٩).
وردَّه الزجَّاج، وقال: "و "الباء" لا يجوز أن تكون لغوًا، وليس هذا جائزًا في العربية في قول أحدٍ من أهلها". "معاني القرآن" (٥/ ٢٠٥).
وقال السمين الحلبي: "وإلى هذا ذهب قتادة، وأبو عبيدة؛ إلا أنه ضعيفٌ من حيث إن "الباء" لا تُزاد في المبتدأ إلا في "حَسْبُك" فقط ". "الدر المصون" (١٠/ ٤٠١).
(٤) فهو مصدر على وزن "المفعول"، كما قالوا: معقول أي: عقل، وميسور أي: يُسر، وهذا قول: ابن عباس، والحسن، والضحَّاك. "الجامع" (١٨/ ٢٢٩).
وقدَّمه: الزجَّاج في "معانيه" (٥/ ٢٠٥)، وابن الأنباري في "البيان" (٢/ ٤٥٣)، واختاره ابن جرير الطبري في "تفسيره" (١٢/ ١٨١).


الصفحة التالية
Icon