وقيل: مواقعها انْتِثَارُها وانكدَارُها يوم القيامة، وهذا قول الحسن.
ومن حُجَّةِ هذا القول أنَّ لفظ "مواقع" يقتضيه، فإنَّه (مَفَاعِل) من الوقوع وهو السقوط، فَلِكُلِّ نجمٍ مَوْقعٌ، وجَمْعُها: مَوَاقع.
ومن حُجَّةِ قول من قال: هي مَسَاقِطُها عند الغروب؛ أنَّ الرَّبَّ -تعالى- يُقْسِمُ بالنُّجُوم وطلوعها وجريانها وغروبها، إذ فيها وفي أحوالها الثلاث آيةٌ وعبرةٌ ودلالةٌ كما تقدم في قوله تعالى: ﴿فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ (١٥) الْجَوَارِ الْكُنَّسِ (١٦)﴾ [التكوير: ١٥ - ١٦]، وقال تعالى: ﴿وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (١)﴾ [النجم: ١]، وقال تعالى: ﴿فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ﴾ [المعارج: ٤٠].
ويرجِّحُ هذا القول -أيضًا- أنَّ النُّجُوم حيث وقعت في القرآن فالمراد منها: الكواكب، كقوله تعالى: ﴿وَإِدْبَارَ النُّجُومِ (٤٩)﴾ [الطور: ٤٩]، وقوله تعالى: ﴿وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ﴾ [الأعراف: ٥٤].
وعلى هذا فتكون المناسبة بين ذكر النُّجُوم في القَسَم، وبين المُقْسَم عليه -وهو القرآن- من وجوه:
أحدها: أنَّ النُّجُوم جعلها الله يُهتَدَى بها في ظلمات البَرِّ والبحر، وآياتُ القرآن يُهتَدَى بها في ظلمات (١) الجهل والغَيِّ. فتلك هدايةٌ في الظلمات الحِسِّيَّة، وآياتُ القرآن هدايةٌ في الظلمات المعنويَّة، فجَمَعَ بين

= وكذا قال ابن الجوزي في "زاد المسير" (٧/ ٢٩٢).
واختاره ابن جرير في "تفسيره" (١١/ ٦٥٨).
(١) "ظلمات" ملحق بهامش (ك).


الصفحة التالية
Icon