الذي طهَّرَهُ غيرُهُ، فالمتوضِّئُ [ك/ ٦٣] متطهِّرٌ، والملائكةُ مطهَّرون.
الوجه التاسع: أنَّه لو أُريد به المصحف الذي بأيدينا لم يكن في الإخبار عن كونه مَكْنُونًا كبيرُ (١) فائدةٍ، إذ مجرَّدُ كَونِ الكلام مكنونًا في كتابٍ لا يستلزم ثبوته، فكيف يُمدَح القرآن بكونه مكنونًا في كتابٍ؟
وهذا أمرٌ مشتركٌ، والآيةُ إنَّما سِيقت لبيان مدحه وتشريفه (٢)، وما اختصَّ به من الخصائص التي تدلُّ على أنَّه منزَلٌ من عند الله، وأنَّه محفوظٌ مَصُونٌ لا يصل إليه شيطانٌ بوجهٍ ما، ولا يَمسُّ مَحَلَّهُ إلا المطهَّرون، وهم السَّفَرَةُ الكِرَامُ البَرَرَةُ.
الوجه العاشر: ما رواه سعيد بن منصور في "سننه": حدثنا أبو الأحْوَص، حدثنا عاصم الأحول، عن أنس بن مالك في قوله تعالى: ﴿لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ (٧٩)﴾ قال: "المطهَّرون: الملائكة" (٣).
وهذا -عند طائفةٍ من أهل الحديث- في حكم المرفوع.
قال الحاكم (٤): "تفسير الصحابة -عندنا- في حكم

ولعل هذه الشواهد -وإن كانت ضعيفة- حملت بعض أهل العلم على القول بثبوت هذه الزيادة، منهم: ابن القيم نفسه في "زاد المعاد" (١/ ١٩٥).
وصححه الألباني في "صحيح الجامع " رقم (٦١٦٧)، و"الإرواء" رقم (٩٦).
(١) في (ك): كثير.
(٢) من قوله: "في كتاب؟ وهذا... " إلى هنا؛ ملحق بهامش (ك).
(٣) إسناده صحيح. وأخرجه من طريقه: حرب الكرماني في "مسائله" (٣٤٦)،
والبيهقي في "معرفة السنن والآثار" رقم (٧٧٢).
وزاد السيوطي نسبته إلى: ابن المنذر. "الدر المنثور" (٦/ ٢٣٢).
(٤) هو محمد بن عبد الله بن حَمْدَويه، أبو عبد الله النيسابوري، المعروف بـ "ابن البَيَّع"، الإمام الحاكم الثبت، سمع من نحو ألْفي شيخ، منهم ألف من أهل =


الصفحة التالية
Icon