رزقكم أنكم تكذِّبون (١).
وقال آخرون (٢): التقدير: وتجعلون بَدَلَ شُكْرِ رزقكم أنكم تكذِّبون، فحَذَفَ مُضَافَين معًا.
وهؤلاء أطالوا اللفظ، وقصَّروا بالمعنى.
ومن بعض معنى الآية قولهم: "مُطِرْنَا بِنَوْءِ كذا وكذا" (٣)، فهذا

(١) هذا مذهب الجمهور، وعليه اكثر السلف. "زاد المسير" (٧/ ٢٩٥).
واختاره: الفَرَّاء في "معانيه" (٣/ ١٣٥)، والزجَّاج في "معانيه" (٥/ ١١٦).
قال القرطبي: "وإنَّما صَلُح أن يوضَع اسم "الرِّزْق" مكان شكره؛ لأنَّ شُكْر الزَزْقِ يقتضي الزيادة فيه، فيكون "الشكر" رزقًا على هذا المعنى، فقيل: ﴿وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ﴾ أي: شكر رزقكم الذي لو وُجِد منكم لعَادَ رزقَا لكم، ﴿أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ (٨٢)﴾ بالرزق، أي: تضعون الكذب مكان الشكر". "الجامع" (١٧/ ٢٢٨).
(٢) هذا قول جمال الدين ابن مالك في "شرح الكافية الشافية" (٢/ ٩٧١)، وكذا نسبه إليه السمين الحلبي في "الدر المصون" (١٠/ ٢٢٨).
ونقل الواحديُّ في "الوسيط" (٤/ ٢٤٠) عن الأزهري قولاً يؤيِّدُه! والذي في "تهذيب اللغة" (٨/ ٤٣٠)، و"علل القراءات" (٢/ ٦٧٠) -كلاهما للأزهري- مثلُ قول الجمهور.
(٣) أخرج مسلم في "صحيحه" رقم (٧٣) من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: مُطِر النَّاسُ على عهد النبى - ﷺ -، فقال النبيُّ - ﷺ -: "أصبح من النَّاس شاكر، ومنهم كافر. قالوا: هذه رحمةُ الله، وقال بعضهم: لقد صَدَق نوء كذا وكذا" قال: فنزلت هذه الآية ﴿فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ (٧٥)﴾ حتى بلغ: ﴿وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ (٨٢)﴾.
وأخرج: أحمد في "المسند" (١/ ٨٩) رقم (٦٧٧) و (١/ ١٨٠) رقم (٨٤٩)، وعبد الله في زوائده على "المسند" (١/ ١٣١) رقم (١٥٨٧)، والترمذي في "سننه" رقم (٣٢٩٥)، والبزار في "البحر الزخَّار" رقم (٥٩٣)، وابن جرير =


الصفحة التالية
Icon