فيكم، وهو الله الذي لا إله إلا هو؟ " (١).
وقال أبو إسحاق: "معناه: فهلَّا تَرجِعُون "الرُّوح" إن كنتم غير مملوكين مدبرين؛ فهلَّا إن كان الأمر كما زعمتم فيما يقول قائلكم: ﴿لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا﴾ [آل عمران: ١٦٨]، و ﴿لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا﴾ [آل عمران: ١٥٦]، أي: إنْ كنتم تقدرون أن تُؤَخِّروا أَجَلاً؛ فهلَّا تَرجِعُون "الرُّوح" إذا بلغت الحلقوم؟ وهلأَ تَدْرَؤُون عن أنفسكم الموت" (٢).
قلتُ: وكأنَّ هذا يلتفت إلى قوله تعالى: ﴿قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا (٥٠) أَوْ خَلْقًا مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ﴾ [الأسراء: ٥٠ - ٥١]؛ أي: إنْ كنتم كما تزعمون لا تُبعَثُون بعد الموت خَلْقًا جديدًا، فكونوا خلقًا لا يفنى ولا يَبْلَى، إمَّا من حجارةٍ، أو من حديدٍ، أو أكبر من ذلك.
ووجه الملازَمة ما (٣) تقدمَ ذكره، وهو إمَّا أنْ تُقِروا بأنَ لكم ربا متصرفًا فيكم، مالكًا لكم، تنفُذُ فيكم مشيئَتُهُ، وبقدرتهِ يميتكم إذا شاء، ويُحييكم إذا شاء، فكيف تنكرون قدرته على إعادتكم خلقًا جديدًا (٤) بعدما أماتكم؟
وإمَّا أن تنكِرُوا أن يكون لكم ربٌّ قادرٌ، قاهرٌ، مالكٌ، نافِذُ المشيئة والقدرة فيكم؛ فكونوا خَلْقًا لا يقبل الفناء والموت، فإذا لم تستطيعوا أن تكونوا كذلك فما تنكرون مِن قدرة مَنْ جَعَلَكُم خلقًا يموتُ ويحيا؛ أن يُحييكم بعدما أماتكم؟
(٢) "معاني القرآن" للزجَّاج (٥/ ١١٧).
(٣) في (ز): كما.
(٤) "جديدًا" ملحق بهامش (ن).