المُعَطِّلُ الجَهْمِيُّ فكلُّ هذا عنده باطِلٌ ومُحَالٌ.
والمقصود أنَّ المُخْبَر عنه بالرؤية في سورة "النَّجْم" هو: جبريلُ.
وأمَّا قولُ ابن عباس: "رأَى محمدٌ ربَّه بفؤاده مرَّتين" (١)؛ فالظاهر أنَّ مُسْتنَدَهُ هذه الآية، وقد تبيَّنَ أنَّ المرئيَّ فيها جبريلُ، فلا دلالة فيها على ما قاله ابن عباس.
وقد حكى عثمانُ بن سعيد الدَّارمي الإجماعَ على ما قالته عائشة -رضي الله عنها-، فقال- في نَقْضِهِ على المَرِيسي، في الكلام على حديث ثوبانَ، ومعاذِ: أنَّ رسولَ الله - ﷺ - قال: "رأَيتُ ربِّي البَارِحَةَ في أحسَنِ صُورَةٍ" (٢) فحكى تأويل المَرِيسِي الباطل له- ثمَّ قال: "وَيْلَكَ؛ إنَّ تأويل هذا الحديث على غير ما ذهبتَ إليه، لما (٣) أنَّ رسول الله - ﷺ - قال في حديث أبي ذَرٍّ: "إنَّه لم يَرَ ربَّهُ" (٤)، وقال رسول الله - ﷺ -: "لن تَرَوا
(٢) أمَّا حديث معاذ -رضي الله عنه- فسيذكره المؤلِّف بعد قليل.
وأمَّا حديث ثوبان -رضي الله عنه- فأخرجه: ابن أبي عاصم في "السُّنَّة" رقم (٤٧٠)، والبزار في "مسنده" رقم (٤١٧٢)، وابن خزيمة في "التوحيد" (١/ ٥٤٣)، والطبراني في "الدعاء" رقم (١٤١٧)، والدارقطني في "الرؤية" رقم (٢٥٣ - ٢٥٦)، وابن منده في "الرد على الجهمية" رقم (٧٣)، وأبو بكر النَّجَّاد في "الرد على من يقول القرآن مخلوق" رقم (٨٣)، والبغوي في "شرح السُّنَّة" رقم (٩٢٥).
وفي إسناده مقال، لكن له شواهد كثيرة يتقوى بها، حتى قال الحافظ ابن منده: "رُوي هذا الحديث عن عشرةِ من أصحاب النبيِّ - ﷺ -، ونقلها عنهم أئمة البلاد من أهل الشرق والغرب". "الرد على الجهمية" (٩١).
(٣) في (ز) و (ن) و (ك) و (ط): لها، وفي (ح) و (م): أما، والتصويب من المصدر.
(٤) أخرجه مسلم في "صحيحه" رقم (١٧٨)، وقد سبق بلفظه (ص/ ٣٨٠).