منه بما لا يدلُّ عليه، وكلام أحمد يصدِّقُ بعضُه بعضًا، والمسألة رواية واحدة عنه، فإنَّه لم يقل: بعينه، وإنَّما قال: رآه، واتَّبعَ في ذلك قول ابن عباس: "رأى محمدٌ ربَّه"، ولفظ الحديث: "رأيتُ ربِّي"؛ وهو مُطْلَقٌ، وقد جاء بيانه في الحديث الآخر.
ولكن في (١) رَدِّ أحمد قولَ عائشة ومعارضته بقول النبيِّ - ﷺ - إشعارٌ بأنَّه أثبت الرؤية التي أنكرتها عائشة، وهي لم تُنكر رؤية المنام، ولم تَقُل: إنَّ من زَعَم أنَّ محمدًا رأى ربَّه في المنام فقد أعظم على الله الفِرْية.
وهذا يدلُّ على أحد أمرين:
١ - إمَّا أن يكون الإمام أحمد أنكر قولَ من أطلق نفي الرؤية إذ هو مخالفةٌ للحديث.
٢ - وإمَّا أن يكون روايةً عنه بإثبات الرؤية.
وقد صرَّحَ بأنَّه رآه رؤيا حُلم بقلبه، وهذا تقييدٌ منه للرؤية.
وأطلق أنَّه رآه، وأنكر قولَ من نَفَى مطلق الرؤية، واستحسن قولَ من قال: رآه؛ ولا يقول: بعينه ولا بقلبه.
وهذه النصوص عنه متَّفِقةٌ لا مختلفة، وكيف [ح/٩٧] يقول أحمد: رآه بعينَي رأسه يقظةً! ولم يجئ ذلك في حديثٍ قطُّ.
فأحمد إنَّما اتبع ألفاظ الأحاديث كما جاءت، وإنكاره قول [ن/ ٧٦] من قال: "لم يَرَهُ أصلاً"؛ لا يدلُّ على إثبات رؤية اليقظة بعينيه. والله

= (١/ ٢٥٠).
(١) ساقط من (ز) و (ن) و (ك) و (ط).


الصفحة التالية
Icon