والمعنى على هذا أنَّه محبوسٌ بقدرة الله أن يَفِيضَ على الأرض فيُغْرِقَها، فإنَّ ذلك مقتضى الطبيعة أن يكون الماء غامرًا للأرض فوقها، كما أنَّ الهواء فوق الماء، ولكن أَمْسَكَهُ الذي يُمْسِكُ السموات والأرض أنْ تَزُولا، وفي هذا المعنى حديثٌ ذكره الإمامُ أحمد مرفوعًا: "ما من يومٍ إلَّا والبحرُ يستأذِنُ ربَّهُ أنْ يُغرق بني آدم" (١).
وهذا الموضع ممَّا هَدَمَ أصول الملاحدة والدهريَّة، فإنَّه ليس في الطبيعة ما يقتضي حَبْسَ الماء عن بعض جوانب الأرض، مع كون كرة الماء [ك/٧٦] عالية على كرة (٢) الأرض بالذَّات، ولو فُرِضَ أنَّ في الطبيعة ما يقتضي بروز بعض جوانبها لم يكن فيها ما يقتضي تخصيص هذا الجانب بالبروز دون غيره.
وما ذكره الطبائعيُّون والمُتَفَلْسِفة أنَّ العناية الإلهية اقْتَضَتْ ذلك لمصلحة العالَم: فَنَعَم؛ هو كما ذكروا، ولكنَّ عناية من يفعل بقدرته
"ليس من ليلةٍ إلا والبحر يُشرِف فيها ثلاثَ مرَّاتٍ على الأرض، يستأذنُ الله في أن يَنْفَضِخ عليهم، فيكفُّه الله عز وجلَّ".
قال ابن الجوزي: "العوَّام ضعيفٌ، والشيخ مجهول". (١/ ٤١).
وقال ابن كثير: "فيه رجلٌ مبهمٌ لم يُسَمَّ". "تفسيره" (٧/ ٤٣٠)، و"مسند عمر" له -أيضًا- (٢/ ٦٠٨).
(٢) ساقط من (ز).