الأُمَم عَتَوا وتكبَّرُوا عن أمر ربِّهم.
وفي "صحيح البخاري" عن ابن عباس -رضي الله عنهما- عن النبي - ﷺ - قال: "ما مِنْ أيامٍ العَمَلُ الصالحُ فيهنَّ أحبُّ إلى الله من هذه الأيام العَشْرِ" قيل: يا رسول الله؛ ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: "ولا الجهاَدُ في سبيلِ اللهِ، إلَّا رجلٌ خَرَجَ بنفسِه ومالِه ثُمَّ لم (١) يرجع من ذلك بشيء" (٢). فالزَّمَانُ المتضمِّنُ لمثل هذه الأعمال أهلٌ أن يُقْسِمَ الرَّبُّ -عزَّ وجلَّ- به.
﴿وَالْفَجْرِ (١)﴾: -
إن أُريد به جِنس "الفجر" -كما هو ظاهر اللفظ- فإنَّه يتضمَّنُ وقت صلاة الصبح، التي هي أوَّل الصلوات. فافتتح القَسَم بما يتضمَّنُ أوَّل الصلوات، وختمه بقوله: ﴿وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ (٤)﴾ المتضمِّن لآخر الصلوات.
وإن أُريد بـ "الفجر" فجر مخصوصٌ، فهو فجرُ يوم النَّحْرِ وليلته، التي هي ليلة عرفة، فتلك الليلة من أفضل ليالي العام، وما رُئي الشيطانُ في ليلة أَدْحَر، ولا أَحْقَر، ولا أَغْيَظ منه فيها (٣). وذلك "الفجر": فجر
(٢) أخرجه البخاري في "صحيحه" رقم (٩٢٦) بلفظ قريبٍ منه.
وأما لفظ الحديث الذي ذكره المؤلف هنا فهو عند أبي داود في "سننه" رقم (٢٤٣٨)، والترمذي في "سننه" رقم (٧٥٧)، وابن ماجه في "سننه" رقم (١٧٥٣) وغيرهم.
(٣) يشير إلى حديث طلحة بن عبيد الله بن كَرِيز: أنَّ رسول الله - ﷺ - قال: "ما رُئي الشيطان يومًا هو فيه أصغرُ، ولا أدحرُ، ولا أحقرُ، ولا أغيظُ؛ منه في يوم عرفة... الحديث".
أخرجه: مالك في "موطئه" رقم (٢٤٥) مرسلاً، ومن طريقه عبد الرزاق في =