وجاء، وذهبَ، كما تكفَّاُ النَّخْلَةُ العَيْدَانة -أي: الطويلة-، ومنه قوله تعالى: ﴿يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا (٩)﴾، قال الضحَّاكُ: تَمُوجُ مَوْجًا.
وقال أبو عبيدة، والأخفش: تكفَّأُ. وأنشد للأعشى (١):

كَأَنَّ مِشْيَتَها من بَيْتِ جَارتِها مَوْرُ السَّحَابة، لا رَيْثٌ ولا عَجَلُ" (٢)
ثُمَّ ذَكَر وعيدَ المكذّبين بالمَعَادِ والنُّبُوَّةِ، وذكر أعمالَهم وعلومَهم التي كانوا عليها، وهي "الخَوْضُ" الذي هو كلامٌ باطلٌ، و"اللَّعِبُ" الذي هو سَعْيٌ ضَائعٌ. فلا علمٌ نافعٌ، ولا [ز/٩٦] عملٌ صالحٌ؛ بل علومُهم خَوْضٌ بالباطل، وأعمالُهم لَعِبٌ.
ولمَّا (٣) كانت هذه العلومُ والأعمالُ مُسْتَلزِمةً لدفع الحقِّ بعُنْفٍ وقَهْرٍ؛ أُدخِلُوا جهنَّم وهم يُدَغُونَ إليها دعًّا، أي: يُدفَعُون (٤) في أَقفِيَتهم وأكتافهم، دَفْعًا بعد دَفْع، فإذا وَقَفُوا عليها وعَايَنُوها وُقِّفُوا، وقيل لهم: ﴿هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ (١٤)﴾، وتقولون لا حقيقة لها، ولا مَنْ أخبر بها صادِقٌ. ثمَّ يُقَال لهم: ﴿أَفَسِحْرٌ هَذَا﴾ الآن كما كنتم تقولون للحقِّ الذي جاءتكم به الرُّسُل: إنَّه سِحْرٌ، وإنَّهم سَحَرَةٌ؛ فهذا -الآن-
= في البوادي وخاصة ربيعة ومضر، وصنف كتاب "الصِّحاح" المشهور، توفي بنيسابور سنة (٣٩٨ هـ) أو بعدها، رحمه الله.
انظر: "نزهة الألباء" (٣٤٤)، و"إنباه الرواة" (١/ ١٩٤)، و"السير" (١٧/ ٨٠).
(١) "ديوانه" (٢٧٩). ورواية الديوان: مَرُّ السحابة.
(٢) "الصحاح" (٢/ ٨٢٠).
(٣) في (ز): ولو.
(٤) في (ح) و (م): يُدْفَع.


الصفحة التالية
Icon