فصل
ومن ذلك قوله تعالى: ﴿وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا (١) فَالْحَامِلَاتِ وِقْرًا (٢) فَالْجَارِيَاتِ يُسْرًا (٣) فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا (٤)﴾ [الذاريات/ ١ - ٤]، أقْسَم بـ "الذَّاريات" وهي: الرِّياح؛ تَذْرُو المطرَ، وتَذْرُو الترابَ، وتَذْرُو النَّباتَ إذا تَهَشَّم، كما قال تعالى: ﴿فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ﴾ [الكهف/ ٤٥]؛ أي: تفرِّقُه وتَنْشُرُه.
ثُمَّ أقسَمَ (١) بما فوقها وهي: السَّحَاب الحاملات وِقْرًا، أي: ثِقْلاً من الماء، وهي رَوَايَا (٢) الأرض، يسوقها الله -سبحانه- على مُتُون الرِّياح؛ كما في "جامع الترمذي" (٣) من حديث الحسن عن أبي هريرة قال: بينما نبيُّ الله - ﷺ - جالسٌ وأصحابُه إذ أتى عليهم سَحَابٌ، فقال نبيُّ الله - ﷺ -: "هل تَدْرُون ما هذا؟ " قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: "هذا العَنَانُ، هذه رَوَايَا الأرض، يَسُوقُها اللَّهُ -تبارك وتعالى- إلى قومٍ لا يشكرونه، ولا يَدْعُونه".
ثُمَّ أقسَمَ -سبحانه- بما فوق ذلك، وهي "الجاريات يُسْرًا"؛ وهي: النُّجُوم التي من فوق الغَمَام، و"يُسْرًا" أي: مُسَخَّرةً مُذَلَّلةً مُنْقَادَةً.
وقال جماعة من المفسِّرين (٤): إنَّها السُّفُن تجري مُيَسَّرَةً في الماء
(١) ساقط من (ز) و (ن) و (ك) و (ح).
(٢) الرَّوايا من الإبل: الحوامل للماء، واحدتها: رَاوِيَة، ومنه سُمِّيت "المَزَادَة": رَاوِيةً. "النهاية" (٢/ ٢٧٩).
(٣) رقم (٣٢٩٨)، وقد سبق تخويجه (ص / ٤٠٤).
(٤) مروي عن: عمر، وعلي، وابن عباس، وابن عمر -رضي الله عنهم-.
وقال به: مجاهد، وسعيد بن جبير، والحسن، وقتادة، والسدِّي، ومقاتل وغيرهم. =
(٢) الرَّوايا من الإبل: الحوامل للماء، واحدتها: رَاوِيَة، ومنه سُمِّيت "المَزَادَة": رَاوِيةً. "النهاية" (٢/ ٢٧٩).
(٣) رقم (٣٢٩٨)، وقد سبق تخويجه (ص / ٤٠٤).
(٤) مروي عن: عمر، وعلي، وابن عباس، وابن عمر -رضي الله عنهم-.
وقال به: مجاهد، وسعيد بن جبير، والحسن، وقتادة، والسدِّي، ومقاتل وغيرهم. =