و"ملك الموت"؛ يقسم المَنَايا بين الخلق بأمر الله تعالى.
و"إسرافيل"؛ يقسم الأرواحَ على أبدانها عند النَّفْخ في الصُّور.
وهم "المُدبِّرَاتُ أمرًا".
وليس في اللفظ ما يدلُّ على الاختصاص بهم. والله أعلم.
وأقسَمَ -سبحانه- بهذه الأمور (١) الأربعة لمكان العبرة والآية، والدلالة الباهرة على ربوبيته ووحدانيته، وعِظَم قدرته.
ففي "الرِّياح" من العِبَر: هُبُوبُها، وسُكُونُها، ولينُها، وشدَّتُها، واختلافُ طبائِعها وصفاتها ومَهَابها، وتصريفها، وتنوُّعُ منافعها، وشدَّةُ الحاجة إليها.
فللمطر خمس رياح: ريحٌ تنشر سحابَهُ، وريحٌ تؤلِّفُ بينه، وريحٌ تلقِّحُه، وريحٌ تسوقه حيث يريد الله، وريحٌ تَذْرُو ماءَهُ وتفرِّقُه (٢).
وللنَّبَات ريحٌ، وللسُّفُن ريحٌ (٣)، وللرحمة ريحٌ، وللعذاب ريحٌ، إلى غير ذلك من أنواع الرِّياح.
وذلك يقضي بوجود خالقٍ مصرِّفٍ لها، مُدَبِّرٍ لها، ويصرِّفُها كيف يشاء، ويجعلها رُخَاءً تارةً، وعاصفةً تارةً، ورحمةً تارةً، وعذابًا تارة.
فتارةً يحيى بها الزروع والثمار، وتارةً يقطعُها بها، وتارةً يُنْجي بها السُّفُن، وتارةً يهلكُها بها؛ وتارة ترطِّبُ الأبدان، وتارةً تذيبُها، وتارةً
(٢) "وتفرقه" ملحق بهامش (ك).
(٣) "وللسُّفن ريحٌ" ملحق بهامش (ح).