كما يوصف المتكلِّم بأنَّه صادِقٌ في كلامه، يُوصف كلامه بأنَّه: صادِقٌ (١). وهذا مثل قولهم: [ح/١٠٦] سرٌّ كاتم، وليلٌ قائمٌ، ونهارٌ صائمٌ، وماءٌ دافقٌ، ومنه: ﴿فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ (٢١)﴾ [الحاقة: ٢١]، وليس ذلك بمَجَاني، ولا مخالفٍ لمقتضى التركيب.
وإذا تأمَّلتَ هذا التناسُبَ والارتباطَ بين المُقْسَم به والمُقْسَم عليه؛ وجدته دالاً عليه، مرشدًا إليه.
ثُمَّ أقسَمَ -سبحانه- بـ"السماء ذات الحُبُك".
أصل "الحَبك" في اللغة: إجَادَةُ النَّسْج. يقال: حَبَكَ الثوبَ؛ إذا أجاد نَسْجَه. وحَبْلٌ محبوكٌ؛ إذا كان شديد الفَتْل. وفَرَسٌ مَحْبُوكُ الكَفَلِ، أي: مُدْمَجُه.
وقال شَمِرُ (٢): "المَحْبُوكُ في اللغة: ما أُجيد عمله" (٣)، "ودابَّةٌ مَحْبُوكَةٌ: إذا كانت مُدْمَجَة الخَلْق".
وقال أبو عبيدة، والمبرِّد: "الحُبُكُ: الطرائقُ، واحدها: حِبَاك. وحِبَاكُ الحَمَام: طرائق على جَنَاحَيه. وحُبُك الماء: طرائقه" (٤).
(٢) هو أبو عمرو، شَمِر بن حَمْدويه الهروي، كان ثقةً عالمًا فاضلاً، حافظًا للغريب، راويةً للأشعار والأخبار، توفي سنة (٢٢٥ هـ) رحمه الله.
انظر: "نزهة الألباء" (١٩٦)، و"إنباه الرواة" (٢/ ٧٧).
وقد تصحف في جميع النسخ إلى: شهر!
(٣) هذا كلام أبي إسحاق الزجاج في "معاني القرآن" (٥/ ٥٢)، وما بعده من كلام شَمِر، وانظر: "تهذيب اللغة" (٤/ ١٠٨).
(٤) "مجاز القرآن" (٢/ ٢٢٥)، و"الكامل" (١/ ٦٣ - ٦٤). =