فآياتُ الأرض أنواعٌ كثيرة:
منها خَلْقُها، وحُدُوثها بعد عَدَمِها، [ك/٨٤] وشواهد الحدوث والافتقار إلى الصانع عليها لا تُجْحَد، فإنَّها شواهدُ قائمةٌ بها.
ومنها بُرُوز هذا الجانب منها عن الماء، مع كون مقتضى الطبيعة أن يكون مغمورًا به.
ومنها [ح/ ١٠٩] سَعَتُها، وكِبَرُ خَلْقِها.
ومنها تَسْطِيحُها، كما قال تعالى: ﴿وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ (٢٠)﴾ [الغاشية: ٢٠]، ولا ينافي ذلك كونها كُرَةً. فهي كُرَةٌ في الحقيقة، لها سَطْحٌ يستقرُّ عليه الحيوان.
ومنها أنَّه جعلها فراشًا لتكون مَقَرًا للحيوان ومساكنه، وجعلها قرارًا.
وجعلها مهادًا، وجَعَلَها ذَلُولاً تُوطَأُ بالأقدام، وتُضْرَبُ بالمَعَاوِل والفُؤوس، وتَحْمِلُ على ظهرها الأبنيةَ الثِّقَالَ. فهي ذَلُولٌ مُسَخَّرَةٌ لما يريد العبدُ منها.
وجعلها بِسَاطًا، وجعلها كِفَاتًا للأحياء تَضُمهم على ظهرها، وللأمواتِ تضمُّهم في بَطْنها.
وطَحَاها؛ فَمَدَّها، وبَسَطَها، وَوَسَّعَها، ودَحَاها، فهيَّأَها لما يُرَادُ منها بأن أخرج منها ماءها ومَرْعَاها، وشقَّ فيها الأنهار، وجعل فيها السُّبُلَ [ن/ ٨٦] والفِجَاجَ.
ونبَّهَ بِجَعْلِها مِهَادًا وفِرَاشًا على حكمةِ جعلها ساكنةً، وذلك آيةٌ