العُرُوق المتحرِّكة، ويبلغ إلى أقاصي أطراف البدن، ثُمَّ إذا سَخُنَ في الباطن وخَرَجَ عن حَدِّ الانتفاع به؛ عَادَ عن تلك الأقاصي إلى البدن، ثُمَّ إلى "الرئة"، ثُمَّ إلى "الحُلْقوم"، ثُمَّ إلى "المِنْخَرَين" خارجًا، فيخرج منهما، ويعود عِوَضه [ز/١٠٩] هواءً باردًا نافعًا.
والنَّفَسُ الواحدُ من أنفاسِ العبد إنَّما يتمُّ بمجموع هذه الأمور والقوى والأفعال. وهو في اليوم والليلة: أربعةٌ وعشرون ألفَ نَفَسٍ، لله في كلِّ نَفَسٍ عِدَّةُ نِعَمٍ، قد وقَفْتَ على القليل منها، فما ظنُّكَ بما وراء النَّفَسِ من الأعضاء، والقوى، ومنافِعها، وتمامِ النعمة بها؟
فصل.
وأمَّا "الفَمُ" فمَحَل العجائب، وباب الطعام والشَّراب والنَّفَس والكلام، ومسْكَنُ اللِّسان النَّاطقِ الذي هو (١) آلةُ العلوم، وتَرْجَمَانُ "القلب" ورسولُه المؤدِّي عنه.
ولمَّا كان "القلبُ" مَلِكَ البَدَن، ومَعْدِنًا للحرارة الغريزيَّةِ، فإذا دخل الهواءُ الباردُ وَصَلَ إليه، فاعتدَلَتْ حرارتُه، وبَقيَ هنالك ساعةً، فسَخُنَ واحتَرَقَ، فاحتاج "القلبُ" إلى دَفْعِه وإخراجه، فجعل أحكمُ الحاكمين إخراجَهُ سببًا لحدوث الصوت.
ثُمَّ جَعَلَ (٢) في "الحَنْجَرَة"، و"الحَنَك"، و"اللِّسَان"، و"الشَّفَتين"، و"الأسنان" مقاطِعَ (٣) ومخارِجَ مختلفةً، بسبب اختلافها
(١) ساقط من (ز) و (ك).
(٢) في جميع النسخ: فعل، وهو تصحيف.
(٣) في (ز) و (ك): مقاطيع.
(٢) في جميع النسخ: فعل، وهو تصحيف.
(٣) في (ز) و (ك): مقاطيع.