قيل: لأنَّ الرُّطُوبةَ في الأسافل أكثر منها في الأعالي. وشاهِدُهُ في
الأرض العالية والمُنْخَفِضَة.
فإن قيل: فَلِمَ لَمْ تَصْلَع المرأة إلا نادرًا، وكان الصَّلَع (١) في
الرجال أكثر؟
قيل: لأنَّ الصَّلَعَ (٢) يحدُثُ من يُبْسٍ في الجلد، بمنزلة احتراقه،
وذلك لقوَّة الحرارة. و [أمَّا] (٣) النِّساء فالرُّطُوبة والبُرُودَة أغلب عليهنَّ؛
ولهذا جُلُودهُنَّ أَرْطَبُ من جلود الرجال، فلا تَجِفُّ جلود رؤوسهنَّ، فلا
يعرض لَهُنَّ الصَّلَع. ولهذا لا يعرض للضَبْيَان، ولا الخِصْيَان (٤). وإن
عَرَضَ للمرأة صَلعٌ فذلك في سِن يأسِها، وبلوغها من الكِبَرِ عِتِيًّا.
فمان قيل: فما السبب في شِذَةِ سَوَاد "الشَّعْر"؟
قيل: شذَة البُخَارَات الخارجة من البدن واعتدالُها، وصِحَّةُ مادَّتها
كَخُضْرَةِ الزَّرْع.
فإن قيل: فما سبب "الصُّهُوبَة" (٥)؟
قيل: بَرْدُ المِزَاج، فَتَضْعُفُ الحرارة عن صَبْغ "الشَّعْر"
(٢) في جميع النسخ: الأصلع! والأنسب ما أثبته.
(٣) زيادة تناسب السياق.
(٤) "ولا الخِصْيَان" ساقط من (ح) و (م).
(٥) "الضُهُوبَة": حُمْرَةٌ تَعْلُو الشعْرَ وأصوله سُودٌ، وإذا كان أحمرَ كلُّه فهو:
أَصْهَب.
انظر: "خلق الإنسان " لابن أبي ثابت (٨٧ - ٨٨)، وللسيوطي (١٩٢).