قيل: إنَّ في المَرَض تكثر الفضلات، فتتكوَّن "الشُّعُور" و"الأظفار" فيها، ويَقِلُّ الغذاءُ فيذوب اللَّحم. وأمَّا في الصحَّة فتقلُّ الفَضَلاتُ فلا تحتاج الطبيعة إلى الغذاء وهَضْمِها له، وإذا قلَّت الفَضْلةُ نفدت مادَّةُ، "الشَّعْر"، فيبطئ عن السرعة في النَّبَات (١).
فإن قيل: فما العِلَّة في انتصاب شَعْر الخائف والمَقْرُور (٢)، حتَّى يبقى كشَعْر القُنْفُذ؟
قيل: العلَّةُ فيه أنَّ الجلد ينقبض وتجتمع المَسَامُّ على "الشَّعْر" وتتضايق عليه فينتصب.
فإن قيل: فَلِمَ انتصب شَعْر البدن و"اللِّحْية" دون شَعْر "الرأس"؟
قيل: لأنَّ جلدةَ "الرأس" كثيفة أكْثَفَ من جلدة البدن فلا تنقبض انقباض جلدة البدن، على أنَّ شَعْر "الرأس" -أيضًا- يَنْتَصِب كذلك، وإن كان دون انتصاب شَعْر البدن و"اللِّحْية".
فإن قيل: فَلِمَ كان كثرةُ الجماع تزيد في شَعْر "اللِّحْية" والجسد، وتنقص من شَعْر "الرأس" و"الأجفان"؟
قيل: لأنَّ "الشعْر" فيه ما يكون طبيعيَّا من أَوَّل الخلْقة -كـ "اللِّحية" وسائر شَعْر البدن- (٣).

(١) "عن السرعة في النَّبات" ساقط من (ح) و (م).
(٢) "المَقْرُور": مَن أصيب بالبرد، فيرتجف بدنه من شدَّته، والقَرُّ: البَرْدُ.
انظر: "مختار الصحاح" (٥٥٤)، و"المصباح المنير" (٦٨١).
(٣) كذا في جميع النسخ! ولا يستقيم؛ لأنَّ شَعْر اللَّحْية ونحوه لا يكون من أَوَّل الخِلْقة، ثم إنه أجاب بالتفصيل: الأول فالثاني، وهنا لم يذكر إلا مثال الثاني =


الصفحة التالية
Icon