شيءٍ وأحسنَهُ منظرًا، وأتمَّهُ خَلْقًا، وأبدَعَهُ صورةً.
فقال الرَّبُّ -تعالى- لجميع ملائكته: "اسجُدوا له"، فبادروا بالسجود؛ طاعةً لأمر الواحد المعبود، وتعظيمًا له. ثُمَّ قيل لهم: لَنَا في هذه القبضة من التراب سِرٌّ أبدَع ممَّا تَرَون، وجمالُ باطِنٍ أحسنُ ممَّا تُبصرون. فَلَنُزَيِّنَنَّ باطِنَهُ باحسنَ من زينة ظاهره، ولنَجْعَلنَّهُ من أعظم آياتنا، نُعَلِّمُه أسماءَ كُلِّ شيءٍ ممَّا (١) لم تحسنه الملائكة.
فكان التعليمُ زينةَ الباطن وجماله، وذلك التصويرُ زينة الظاهر، فجاءَ أكمَلَ شيءٍ وأجمَلَهُ صورةً ومعنىً، وذلك كلُّه صُنْعُه -تبارك وتعالى- في قبضةٍ من تراب.
ثُمَّ اشتقَّ منه صورةً هي مثله في الحُسْن والجمال، ليَسْكُن إليها، وتَقَرَّ نفسُه بها، وليُخْرِجَ من بينهما من لا يُحصَى عدَدُهُ من الرجال

= خلق اللهُ آدمَ ونفَخَ فيه الرُّوح: عَطَسَ، فقال: الحمد للهِ، فحمِدَ الله بإذن الله، فقال له ربُّه: يرحمك ربُّك يا آدم... الحديث".
أخرجه: الترمذي في "سننه" رقم (٣٣٦٨)، والنَّسائي في "عمل اليوم والليلة" رقم (٢١٨ - ٢٢٠)، وأَبو يعلى في "مسنده" رقم (٦٥٨٠)، وابن حبَّان في "صحيحه" رقم (٦١٦٧)، والحاكم في "المستدرك" (١/ ٦٤) و (٤/ ٢٦٣)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (١٠/ ١٤٧) وغيرهم.
قال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه"، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي، وعزاه ابن كثير في "البداية والنهاية" (١/ ٢٠٢) إلى: البزار، وقال: "وهذا الإسناد لا بأس به، ولم يخرجوه".
وصححه الألباني في "صحيح الترمذي" رقم (٢٦٨٣)، وفي "المشكاة" رقم (٤٦٦٢).
(١) في جميع النسخ: ما، وما أثبته أنسب للسياق.


الصفحة التالية
Icon