الله أمرًا كان مفعولا. وجعل هذا مَحَلَّ الحَرْث، وهذا مَحَلَّ البَذْر، وقال القضاء والقدر: ليشتمل كلٌّ منكما على صاحبه؛ ليلتقي الماءان (١) على أمر قد قُدِر.
وقَدَّر بينهما تلك الحركات لتعمل الحرارة في تلك الرُّطُوبة والفَضْلة عملها، واستخرجَها (٢) من تحت "الشَّعْر" و"البشَر" و"الظُّفُر"؛ لتوافق النسخةُ الأصلَ، ويكون الداعي إلى التناسل في غاية القوَّة، فلا ينقطع النَّسْل.
ولهذا لا تجد في مَنِيِّ الاحتلام من القوَّة ما في مَنِيِّ الجِماع، وإنَّما هو من فَضْلةِ حرارةٍ تذيب الرُّطُوبة، فتقذِفُها (٣) الطبيعة إلى خارج، وذلك (٤) من نوع تصوُّرِ خيالٍ بواسطة الشيطان، كما ثبت في "الصحيح" عن النبي - ﷺ - أنَّه قال: "الرؤيا الصالحة من الله، والحلم من الشيطان" (٥).
فإن قيل: فهذا اختيارٌ منكم لقول من قال: إنَّ "المَنِيَّ" يخرج من جميع أجزاء البدن، وهذا وإن كان قد قاله كثيرٌ من النَّاس فقد خالفهم آخرون، وزعموا أنَّه فَضْلَةٌ تتولَّدُ من الطعام والشراب (٦)، وهي من أعدل الفَضَلات، ولهذا صَلُحَت أن تكون مبدأ الإنسان، وهو جسمٌ متشابه
(٢) من (ك)، وفي باقي النسخ: واستخراجها.
(٣) في (ز) و (ك): فنفذت فيها، وما أثبته من (ح) و (م).
(٤) ساقط من (ح) و (م).
(٥) أخرجه: البخاري في "صحيحه" رقم (٣٢٩٢) واللفظ له، ومسلم في "صحيحه" رقم (٢٢٦١)، من حديث أبي قتادة الأنصاري -رضي الله عنه-.
(٦) ساقط من (ح) و (م).