قال: إنَّ المرأة لا "مَنِيَّ" لها! فَلْنُحرِّرْ هذه (١) المسألة طبعًا كما حُرِّرَت شرعًا؛ فنقول:
"مَنِيُّ" الذَّكَر من جملة الرُّطُوبات والفضلات التي في البدن، وهذا أمرٌ مُشتركٌ بين الذَّكَر والأنثى، وبواسطته يُخْلَق الولد، وبواسطته يكون الشَّبَه. ولو لم يكن للمرأة "مَنِيٌّ" لمَا أشْبَهَها ولدُها.
ولا يقال: إنَّ الشَّبَه بسبب دَم الطَّمْث، فإنَّه لا ينعقد مع "مَنِيِّ" الرَّجُل، ولا يَتحِدُ به، وقد أجرىَ الله -سبحانه- العادة بأنَّ التَّوَلُّدَ والتَّوَالُدَ لا يكون إلا بين أصلين يتولَّد من بينهما ثالثٌ. و"مَنِيُّ" الرَّجُل وحده لا يتولَّدُ منه الولد ما لم تمازِجْهُ مادَّةٌ أخرى من الأنثى.
وقد اعترف أرباب القول الآخر بذلك، وقالوا: لابدَّ من وجود مادَّةٍ بيضاء لَزِجَةٍ للمرأة تصير مادَّةً لبدن الجَنين. ولكن نازعوا: هل فيها قوَّة عاقِدة، كما في "مَنِيِّ" الرَّجُل؟
وقد فَصَّلَ (٢) النبيُّ - ﷺ - هذه المسألة في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم في "صحيحه" (٣)، من حديث ثوبان مولاه، حيث سأله
انظر: "طبقات الأطباء" (٢٥)، و"تاريخ الحكماء" (٢٧)، و"عيون الأنباء" (٨٦).
(١) ساقط من (ز) و (ك) و (ط)، وأثبته من (ح) و (م).
(٢) في (ح) و (م): أدخل!
(٣) رقم (٣١٥)؛ وقد سبق تخريجه (ص/ ٥٠٠).