تأتي كلُّ امرأةٍ منهُنَّ بغلامٍ يقاتل في سبيل الله، فقال له صاحبه: قل إنْ شاء الله، فلم يقُلْ (١)، فطاف عليهنَّ فلم تلد منهنَّ (٢) إلا امرأةٌ واحدةٌ، جاءت بشِق ولدٍ". قال النبيُّ - ﷺ -: "والذي نفسي، بيده لو قال: إنْ شاءَ الله؛ لجاهدوا في سبيل الله فرسانًا أجمعون" (٣)، فدلَّ على أنَّ مجرَّدَ الوَطْءِ ليس بسببٍ تامٍّ وإن كان له مَدْخَلٌ في السببيَّة، وإنَّما السبب التالم مشيئة الله وحده، فهو رَبُّ الأسباب؛ المتصرِّفُ فيها كيف شاء، بإعطائها السببيَّة إذا شاء، ومنعِها إيَّاها إذا شاء، وترتيبِ ضدِّ (٤) مقتضاها عليها إذا شاء.
والأسباب هي مجاري الشرع والقدر، فعليها يجري أمر الله الكونيُّ والدينيُّ.
فإن قيل: فقد ظهر أنَّ الولد مخلوقٌ من الماءين جميعًا، فهل يُخْلَقُ منهما على حَدٍّ سواء، أم يكون بعضُ الولد من ماء الأب، وبعضُه من ماء الأُمِّ؟
قيل: قد بيَّنَ النبيُّ - ﷺ - هذه المسألة بأوضح البيان، فقال الإمام أحمد (٥) في "مسنده":

(١) من قوله: "فقال له صاحبه... " إلى هنا؛ ساقط من (ح) و (م).
(٢) بعده في (ز) و (ك) و (ط) زيادة: "امرأة واحدة"، وليست في المصادر، كما في (ح) و (م).
(٣) أخرجه: البخاري في "صحيحه" رقم (٢٨١٩، ٣٤٢٤، ٥٢٤٢، ٦٦٣٩، ٦٧٢٠، ٧٤٦٩)، ومسلم في "صحيحه" رقم (١٦٥٤)، من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.
(٤) ساقط من (ك).
(٥) مكانه بياض في (ز)، وساقط من (ط).


الصفحة التالية
Icon