الرابعة: تمام التصوير الذي ليس بعده إلا نفخ "الرُّوح".
فالمرتبة الالولَى علميَّةٌ، والثلاث الأُخَر خارجيَّةٌ عينيَّةٌ.
وهذا التصويرُ بعد التصوير نظيرُ التقديرِ بعد التقدير:
فإنَّ (١) الرَّبَّ -تعالى- قدَّرَ مقادير الخلائق تقديرًا عامًّا قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألفَ سنةٍ (٢)، وهناك كُتبت السعادةُ، والشقاوةُ، والأعمالُ، والأرزاقُ، والآجالُ.
الثاني: تقديرٌ بعد هذا وهو أخصُّ منه، وهو التقدير الواقع عند القَبْضَتين، حين قَبَضَ -تبارك وتعالى- أهلَ السعادة بيمينه وقال: "هؤلاء للجَنَّة، وبعمل أهل الجَنَّة يعملون"، وقَبَضَ أهلَ الشقاوة باليد الأخرى وقال: "هؤلاء للنَّار، وبعمل أهل النَّار يعملون" (٣).

(١) هذا هو النوع الأول من أنواع التقدير.
(٢) أخرج مسلم في "صحيحه" رقم (٢٦٥٣) عن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- قال: سمعت رسول الله - ﷺ - يقول: "كتب اللهُ مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه على الماء".
(٣) أحاديث "القبضتين" رواها جمعٌ من الصحابة، فمن ذلك:
١ - حديث أنس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - ﷺ -: "إن الله -تعالى- قبض قبضةً، فقال: للجنة برحمتي. وقبض قبضةً، فقال: للنَّار ولا أُبالي".
أخرجه: ابن أبي عاصم في "السنَّة" رقم (٢٤٨)، وأبو يعلى في "مسنده" رقم (٣٤٥٣، ٣٤٢٢)، والعقيلي في "الضعفاء" (١/ ٢٧٧)، والدولابي في "الكُنَى" رقم (١٣٨٣)، وابن عدي في "الكامل" (٢/ ٦٢٤)، والبيهقي في "القدر" رقم (٦٣). =


الصفحة التالية
Icon