ويختلطا (١) حتَّى يصيرا ماءً واحدًا، أو يكون أحدهما هو المادَّة والآخر بمنزلة "الإِنْفَحَة" (٢) التي تعقده؟
قيل: هو موضعٌ اختلف فيه أرباب الطبيعة:
فقالت طائفةٌ منهم: "مَنِيُّ" الأب لا يكون جزءًا من الجَنين، وإنَّما هو مادَّة "الرُّوح" الساري في الأعضاء، وأجزاءُ البدن كلُّها من "مَنِيِّ" الأُمِّ.
ومنهم من قال: بل هو ينعقد من "مَنِيِّ" الأُمِّ (٣)، ثُمَّ يتحلَّلُ ويفسد.
قالوا: ولهذا كان الولدُ جزءًا من أُمِّه، ولهذا جاءت الشريعة بتَبَعِيَّتِه لها في الحُرِّيَّةِ والرِّقِّ.
قالوا: ولهذا (٤) لو نَزَا فَحْلُ رَجُلٍ على حِجْرَةِ (٥) آخر فأَوْلَدَها؛ فالولدُ لمالك الأُمِّ دون مالك الفَحْل؛ لأنَّه تكوَّنَ من أجزائها وأحشائها ولحمها ودمها، وماءُ الأب بمنزلة الماء الذي يسقي الأرض.
(٢) "الإنْفَحَة": شيءٌ أصفر يستخرج من بطن الحَمْل أو الجَدْي الرضيع الذي لم
يرعى النبتَ بعدُ، ليعصر في اللبن فيُصنَع منه الجبن.
انظر: "المصباح المنير" (٨٤٦)، و"تاج العروس" (٧/ ١٩٠).
(٣) في (ح) و (م): الأنثى.
(٤) بعده في (ز) زيادة: كان.
(٥) "حِجْرَة": هي أنثى الفَرَس. والأصل "حِجْر" بدون الهاء، وزيادتها لحنٌ عند أكثر أئمة اللغة.
انظر: "تاج العروس" (١٠/ ٥٣٦).