مَصَّ إصْبَعَهُ إشارةً إلى نهاية فَقْرِهِ، وأنَّه بلَغَ منه إلى مَصِّ الأصابع، ومنه قول النَّاس لِمَنْ بلَغَ به الفقرُ غايته: "هو يَمُصُّ أصابِعَهُ".

ويُعْلِمُهُم:
ويَهْوِي إلى فِيهِ يَمُصُّ بَنَانَهُ يُطَالِبُ بالتعجيلِ خَوفَ التشَاغُلِ
إنِّي فقيرٌ وليس لي من القُوتِ شيءٌ غيرُ مَصِّ أَنَامِلي
ونظير هذه الإشارة أنَّه يُحْدِثُ حالَ ولادته، يقول بلسان الحال: لا تُنْكِرُوا إحدَاثَ من استفتح بالحَدَثِ في دار الحَدَث (١)، كذلك كنتم من قبل، وليس العَجَبُ ممَّن أحدَثَ؛ بل العجَبُ ممن يُطَهَّرُ من الحَدَث.يقول:
ويُحْدِثُ بين الحاضِرين إشارةً إلى أنَّهُ من حادِثٍ ليس يُعْصَمُ [ح/ ١٣٥]
وعندِي بعدَ ذِي أخواتُها وما منكُمُ إلَّا وذُو العَرْشِ أَرْحَمُ
ونظير هذه الإشارة أنَّه يضحك بعد الأربعين، وذلك عندما يتعقَّلُ نَفْسَهُ الناطِقَةَ ويدركُها، وفي ذلك قِصَاصٌ من البكاء الذي أصابه عند ولادته. وتأخَّرَ بعده؛ لئلَّا يَيْأَس (٢) العبدُ إذا أصابته شدَّةٌ، فالفَرَجُ كامِنٌ بِطَيِّهَا في آثارها.يقولُ:
ويَضْحَكُ بعدَ الأربعين إشارةً إلى فَرَجٍ وَافَاهُ بعدَ الشَّدَائدِ
هي الدنيا، فَتُبْكِيكَ مرَّةً وتُضْحِكُ أخرى، فاصْطَبِرْ للعوائِدِ
(١) "في دار الحَدَث" ساقط من (ح) و (م).
(٢) من (ط)، وفي باقي النسخ: بتأسَّى.
وفي (ح) و (م): "لكي يتأسَّى"، وهذا معنىً صحيح، فإن التَّأْسِية: التَّعْزِية.
تقول: أَسَّاهُ تأسِيَةً فتأسَّى؛ أي: عزَّاهُ فتَعَزَّى. "القاموس" (١٦٢٦).


الصفحة التالية
Icon