"الكبد"، وقد بقي أحمر، نَقِيَّ اللَّونِ، مُشْرِقًا نورانيًّا. ويصل إليها من عِرْقٍ عظيمٍ يسمَّى: "الأَجْوَف"، ثُمَّ يُوزَّعُ من هناك على جهتي البدن: العليا، والسُّفْلى؛ في رواضِعَ كثيرة العَدَد، ما بين كبيرٍ، وصغيرٍ، ومتوسِّطٍ، كلها تتصل بالعرق "الأَجْوَف" وتَمْتَارُ (١) منه، وما دام "الدَّمُ" في هذا العِرْق ففيه مائيةٌ غير محتاجٍ إليها؛ لأنَّها كانت مَرْكَب الغذاء، فلمَّا أوصلته إلى مستقرِّه [ز/ ١٣٠] استغنى عنها، فاحتاج - ولابدَّ - إلى إخراجِها ودفعِها، ولو لم يبادر إلى ذلك أضرَّتْ به، فخلق الله -سبحانه- "الكُلْيَتين" تمتصَّان هذه الفَضْلَة بعُنُقَين طويلين كالأنبوبين، ويفرغانها في "المَثانة" بِعِرْقَين آخَرَين، ووضَعَهما -سبحانه- أسفل من "الكبد" قليلًا، حيث يكون أمكن لتخليص المائية كما تُرَوَّقُ (٢) العُصَارات.
وأمَّا "المَرَارَةُ" فوَضَعَها اللهُ -سبحانه- فوق "الكبد"؛ لأنَّها بمنزلة السِّفِنْجَة أو القُطْنَة التي يُقْطَف (٣) بها الدُّهْن عن وجه الرُّطُوبات.
وأمَّا "الطِّحَال" فوَضَعَها أميل إلى أسفل؛ لأنَّه بمنزلة ما يجتذِبُ الأشياءَ المَصُونةَ إذا رَسَبَت.
فصل
إذا انْتُقِيَ (٤) "الدَّمُ" من هذه الفُضُولِ كلِّها، وعَمِلَتْ فيه
ومعنى "تمتار منه" أي: تأخذ المِيرَةَ منه، والمِيرةُ: الطعام.
انظر: "المصباح المنير" (٨٠٧).
(٢) "تُرَوَّق": تُصَفَّى، تقول: رَاقَ الشَّرَابُ؛ إذا صَفَا. "مختار الصحاح" (٢٨٥).
(٣) في (ط): ينظف.
(٤) في (ح) و (م): انتفى.