بها صارت جزءًا منهم، فصارت أجزاؤهم مشابهة لأغذيتهم، إذ الغاذي شبيهٌ بالمغتذي، بل يستحيل إلى جوهره.
ولهذا كان نوعُ الإنسان أعدلَ أنواع الحيوان مزاجًا، لاعتدال غذائه. وكان الاغتذاء بالدَّم ولحوم السِّبَاع يُورِث المغتذي بها قوَّةً شيطانيَّةً سَبُعِيَّةً عادِيَةً على النَّاس.
فمن محاسن الشريعة تحريم هذه الأغذية وأشباهها، إلا إذا عارضها مصلحةٌ أرجح منها، كحال [ز/ ١٣٣] الضرورة.
ولهذا أكلت النَّصارى لحوم الخنازير، فأورثها نوعًا من الغِلْظَة والقَسْوة، وكذلك من أكل لحوم السِّبَاع [ك/ ١١١] والكلاب صار فيهم قوَّة (١) منها.
ولمَّا كانت القوَّةُ الشيطانيَّة السَّبُعيَّةُ (٢) ثابتةً لازمةً لذوات الأنياب من السِّبَاع حرَّمَها الشارع (٣).
ولمَّا كانت القوَّةُ الشيطانيَّةُ عارضةً في الإبل أمر بكسرها بالوضوء لمن أكل منها (٤).

(١) ساقط من (ز)، و"منها" ساقط من (ح) و (م).
(٢) في (ح) و (م): عارضة! وهو خطأ.
(٣) كما في "صحيح مسلم" رقم (١٩٣٣) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-: أنَّ النبيَّ - ﷺ - قال: "كلُّ ذي نابٍ من السِّبَاع فأَكْلُهُ حرامٌ".
(٤) كما في "صحيح مسلم" رقم (٣٦٠) من حديث جابر بن سَمُرة -رضي الله عنه-: أنَّ رجلًا سأل رسول الله - ﷺ -: أَأَتوضَّأُ من لحوم الغنم؟ قال: "إن شئتَ فتوضَّأ، وإن شئتَ فلا توضَّأ"، قال: أتوضَّأُ من لحوم الإبل؟ قال: "نعم؛ فتَوَضَّأْ من لحوم الإبل"... الحديث.


الصفحة التالية
Icon