وقد قال النبيُّ - ﷺ -: "جاءكم أهل اليمن؛ [هم] أَرَقُّ قلوبًا، وأَلْيَنُ أفئدَةً" (١)؛ ففرَّق بينهما؛ ووصف "القلب" بالرقَّة، و"الأفئدة" باللِّين.
وأمَّا كون فَمِ "المعدة" هو"الفؤاد" فهذا لا نعلم أحدًا من أهل اللغة قاله.
وتأمَّلْ وصْفَ النبيِّ - ﷺ - "القلب" بالرقَّة التي هي ضدُّ القَسَاوَة والغلظة، و"الفؤاد" باللِّين الذي هو ضدُّ اليُبْس والقسوة. فإذا اجتمع لِينُ "الفؤاد" إلى رِقَّة "القلب" حصل من ذلك الرحمة، والشفقة، والإحسان، ومعرفة الحقِّ وقبوله. فإنَّ اللِّينَ موجِبٌ (٢) للقبول والفهم، والرقَّةَ تقتضي الرحمة (٣) والشفقة. وهذا هو العلم والرحمة، وبهما كمال الإنسان، وربُّنا وَسِعَ كلَّ شيءٍ رحمةً وعلمًا.
فلنرجع إلى ما نحن بصدده فنقول:
"المعدة" مع "المريء" ذات طبقتين لطيفتين. واللَّحْم في الطبقة الداخلة أقلُّ، ولهذا يغلب عليها البياض، وهي عصبيَّةٌ حسَّاسَةٌ. وهو في الطبقة الخارجة أكثر، ولهذا تغلب عليها الحُمْرة، وهي مربوطةٌ مع (٤)

= وانظر: "تهذيب اللغة" (٩/ ٥١٨)، و"تاج العروس" (٤/ ٦٩ - ٧٠).
(١) أخرجه: البخاري في "صحيحه" رقم (٤٣٨٨، ٤٣٩٠)، ومسلم في "صحيحه" رقم (٥٢)؛ من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- ولفظه:
"أتاكم أهل اليمن؛ هم ألين قلوبًا، وأرقُ أفئدة".
وفي لفظ لهما: "أضعف قلوبًا، وأرقُ أفئدة".
(٢) في (ز): أقبل، وسقطت من (ط).
(٣) مكانها بياض في (ز) و (ط).
(٤) من (ح) و (م)، وفي باقي النسخ: على.


الصفحة التالية
Icon