وقد أخبر النبيُّ - ﷺ - أنَّ الإنسانَ خُلق من ثلاثمائةٍ وستين مَفْصِلاً (١):
فإن كانت "المفاصل" هي "العظام": فقد اعترف "جالينوس" وغيره بأنَّ في البدن عظامًا صغارًا لم تدخل تحت ضبطهم وإحصائهم.
وإن كان المراد بـ"المفاصل": المواضع التي تنفصل بها الأعضاء بعضها من بعضٍ -كما قال الجوهريُّ (٢) وغيره: "المَفْصِل: واحد مفاصل الأعضاء"- فتلك أعمُّ من "العظام"، فتأمَّلْهُ.
وإنَّ "السُّلاَمَيَاتِ" المذكورةَ في الحديث الذي رواه مسلم في "صحيحه" (٣) من حديث أبي ذَرٍّ: "يُصْبحُ على كُلِّ سُلامَى من أحدكِم صدقةٌ، فكلُّ [ح/١٤٧] تسبيحةٍ صدقةٌ، وكلُّ تحميدةِ صدقةٌ، وكلُّ تَهْلِيلةِ صدقةٌ، وكلُّ تكبيرةِ صدقةٌ" الحديث، فـ "السُّلاَمَى": العُضْو (٤)،

(١) أخرج مسلم في "صحيحه" رقم (١٠٠٧) من حديث عائشة -رضي الله عنها- أنَّها قالت: قال رسول الله - ﷺ -:
"خُلق كلُّ إنساني من بني آدمَ على ستين وثلاثمائة مَفْصِل، فمن كبَّر اللهَ، وحَمِدَ الله، وهلَّلَ اللهَ، وسبَّح اللهَ، واستغفر الله، وعَزَلَ حجرًا عن طريق الناس، أو شَوكةً، أو عظمًا عن طريق الناس، وأمَرَ بمعروفٍ، أو نهى عن منكر؛ عدَدَ تلك الستين والثلاثمائة السُّلاَمَى؛ فإنَّه يمشي يومئذٍ وقد زَحْزَحَ نفسَهُ عن النَّار".
(٢) في "الصحاح" (٥/ ١٧٩٠).
(٣) رقم (٧٢٠).
(٤) هذا خبر "إنَّ" في قوله: وإن السُّلاَميَات... ، ومقصوده أنَّ السُّلاميَات هي الأعضاء.
قال القاضي عياض في "إكمال المعلم" (٣/ ٦١): "أصل "السُّلاَمَى" -بضم =


الصفحة التالية
Icon