فهو -سبحانه- يذكر جوابَ القَسَم تارةً -وهو الغالب-، وتارةً يحذفه، كما يحذف جواب "لو" كثيرًا، كقوله تعالى: ﴿كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ (٥)﴾ [التكاثر/ ٥] وقوله تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى﴾ [الرعد/ ٣١]، ﴿وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلَائِكَةُ﴾ [الأنفال/ ٥٠]، ﴿وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْتَ﴾ [سبأ/ ٥١]، ﴿وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى رَبِّهِمْ﴾ [الأنعام/ ٣٠].
ومثل هذا حذفه من أحسن الكلام؛ لأنَّ المراد: "أنَّك لو رأيتَ ذلك لرأيت (١) هَولاً عظيمًا"، فليس في ذكر الجواب زيادةٌ على ما دلَّ (٢) عليه الشَّرطُ.
وهذه (٣) عادةُ النَّاس في كلامهم، إذا رَأَوا أمورًا عجيبةً وأرادوا أن يُخبروا بها لغائبٍ عنها؛ يقول أحدُهم: لو رأيتَ ما جرى يوم كذا (٤) بموضع كذا.
ومنه قوله تعالى: ﴿وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ (١٦٥)﴾ [البقرة/ ١٦٥]، فالمعنى -في أظهر الوجهين-: لو يَرى الذين ظلموا في الدنيا إذ يرون العذاب في الآخرة، والجواب محذوف (٥). ثُمَّ قال بعد ذلك: ﴿أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا﴾. كما

(١) "ذلك لرأيت" أصابه طمس في (ن).
(٢) من أول قوله: "اعلم أن الله -سبحانه- يقسم بأمور... " إلى هنا؛ هذه القطعة موجودة في "مجموع الفتاوى" (١٣/ ٣١٤ - ٣١٦) بالنص، ثم يُبتر الكلام.
(٣) "عليه الشرط. وهذه" أصابه طمس في (ن).
(٤) "يوم كذا" ألحقت بهامش (ز).
(٥) انظر: "الصواعق المرسلة" (٣/ ١٠٨١)، و"الدر المصون" للسمين الحلبي =


الصفحة التالية
Icon