وغضبِهِ، وحُبِّهِ، وبُغْضِهِ، ونُفْرَته، وقُرْبِه (١).
ومن أعجب الأشياء أنَّ "ماء العين" من ألطف أعضاء البدن، وهي لا تتأثر بالحرِّ والبرد كتأثرِ غيرِها من الأعضاء الكثيفة، ولو كان الأمر عائدًا إلى مجرد الطبيعة لكان ينبغي أن يكون الأمر بالعكس؛ لأنَّ الألْطَفَ أسرعُ تأثرًا (٢)، فعُلِم أنَّ حصول هذه المصالح ليس هو بمجرَّدِ الطَّبْعِ.

فصل


ثُمَّ اعدِلْ إلى "الأُذُنَين"؛ وتأمَّلْ شَقَّهُما، وخَلْقَهما، وإيداعَ الرُّطُوبة فيهما، ليكون ذلك عونًا على إدراك السمع، وجَعَلَ ماءَهُما مُرًّا (٣) لتمتنع الهَوَامُّ عن الدخول في "الأذن" (٤).
وحَوَّطَهما (٥) -سبحانه- بصَدَفَتين يجمعان الصوت، ويؤدِّيَانه إلى "الصِّمَاخ".
وجعل في الصَّدَفتين تعويجات؛ لِتَطُول المسافة فتنكسر حِدَّةُ الصوت؛ ولا تَلجَ الهَوَامُّ دَفْعَةً، بل تكثر حركاتها فَتَنتَبِهُ لها، فتُخرجَها.
وجعلَ " العَينيَن" مُقَدَّمَتَين، و"الأُذُنَين" مُؤَخَّرَتَين؛ لأنَّ "العَينَين" بمنزلة الطليعة والكاشِف والرائد الذي يتقدَّمُ القومَ ليكشف لهم، وبمنزلة
(١) ساقط من (ح) و (م).
(٢) في جميع النسخ: تأثيرًا، ثم صححت في هامش (م)، وهو الصواب.
(٣) العبارة في (ح) و (م) هكذا: وجعلها مُرَّةَ.
(٤) في (ك): الأذنين.
(٥) من (ح) و (م)، وفي باقي النسخ: وحفظهما.


الصفحة التالية
Icon