ومن هداهُ إلى هذين الطريقين، كيف يليق به أن يتركه سُدَى، لا يعرِّفُه ما يضرُّهُ وما ينفعُه في معاشِهِ ومعادِهِ؟ وهل النُّبوَّةُ والرِّسَالةُ إلا لتكميل هدايته النَّجْدَين؟! فدلَّ هذا كلُّه على إثبات الخالق، وصفات كماله، وصدق رسله، ووعده، ووعيده (١).
وهذه أصول الإيمان التي اتفقت عليها جميع الرُّسُلِ من أوَّلهم إلى آخرهم، إذا تأمَّلَ الإنسانُ حالَهُ وخَلْقَهُ وجَدَهُ من أعظم الأدلَّة على صحتها وثبوتها، فتكفي الإنسانَ فكرتُهُ في نفسه وخَلْقه.
والرُّسُلُ بُعِثُوا مذكِّرين بما في الفِطَرِ والعقول، مُكَفَلين له؛ لتقوم على العبد حُجَّةُ الله بفطرته ورسالته.
ومع هذا (٢) فقامت عليه حُجَّتُه، ولم يقتحم العقبة التي بينه وبين ربِّه، التي لا يصل إليه حتَّى يقتحمَها:
١ - بالإحسان إلى خلقه بفَكِّ الرقبة، وهو تخليصها من الرِّقِّ، ليخلِّصَهُ الله من رِقِّ نفسه، ورِقِّ عدوِّه.
٢ - وإطعامِ المسكينِ واليتيمِ في يوم المجاعة.
٣ - وبالإخلاص له -سبحانه- بالإيمان الذي هو خالصُ حقِّه عليه، وهو تصديقُ خَبَره، وطاعةُ أمره ابتغاءَ وجهِهِ.
٤ - وبنصيحة غيره؛ بأنْ يوصيه بالصبر والمرحمة، ويقبَل وصيةَ من أوصاه بهما، فيكون صابرًا رحيمًا في نفسه، معينًا لغيره على الصبر
(٢) ساقط من (ن).