إخراجه ودَفْعِهِ معه، لم (١) يُضَيِّعْ أحكمُ الحاكمين ذلك النَّفَس ويخرجه بغير فائدة، بل جعل إخراجه سببًا لحدوث الصوت.
ثُمَّ جعل-سبحانه- (٢) "الحَنْجَرَةَ" و"اللَّسَانَ" و"الحَنَكَ" (٣) آلاتِ وأسبابًا، مختلفة الأشكال (٤)، فباختلافها يكون الصوت (٥)، فيحدث الحَرْف، ثُمَّ أَلْهَمَ الإنسانَ أن رَكَّبَ ذلك الحَرْفَ إلى مثله ونظيره، فتحدث الكلمة، ثُمَّ أَلْهَمَهُ تركيب تلك الكلمة إلى مثلها، فيحدث الكلام.
فتأمَّلْ هذه الحِكْمَةَ الباهرة في إيصال النَّفَس إلى "القلب" لحفظ حياته، ثُمَّ عند الحاجة إلى إخراجه والاستغناء عنه جعله سببًا لهذه المنفعة العظيمة. فتبارك الله أحسن الخالقين.
وخلق-سبحانه- هذه المقاطع والحَنَاجر مختلفةَ الأشكال، والضِّيق، والسَّعَة، والخُشُونة، والمَلاَسَة = لتختلف الأصوات باختلافها، فكما لا تتشابه صورتان من كلِّ وجهِ، فلا يتشابه صوتان (٦)، بل كما يحصل الامتياز بين الأشخاص بالقوَّةِ البَاصِرَةِ، فكذلك يحصل بالقوَّةِ السَّامِعَةِ، فيحصل الامتياز للأعمى والبصير.
(٢) بعده في (ح) و (م) زيادة: في.
(٣) "الحَنَكُ": سَقْفُ أعلى الفم من داخل. "القاموس" (١٢١٠).
(٤) "آلات وأسبابًا، مختلفة الأشكال" ساقط من (ح) و (م).
(٥) العبارة في (ح) و (م) هكذا: باخلافها الصوت.
(٦) "فلا يتشابه صوتان" ساقط من (ح) و (م).