و"النِّقرِس" (١)، ويؤكل رَطْبًا ويابسًا.
وأمَّا "الزيتون" ففيه من الآيات ما هو ظاهرٌ لمن اعتبر، فإنَّ عُودَه يُخرِجُ ثمرًا، يُعصَر منه هذا الدُّهن الذي هو مادَّةُ النُّور، وصبْغٌ للآكلين، وطِيْبٌ، ودَوَاءٌ، وفيه من مصالح الخلق ما لا يخفى، وشَجَرُهُ باقٍ على ممرِّ السِّنين المتطاولة، وورقُهُ لا يسقط (٢).
وهذا الذي قالوه حقٌّ، ولا ينافي أن يكون مَنْبَتُهُ مرادًا (٣)،

(١) "النَّقْرِس": بكسر النون والراء، داءٌ معروف -أيضًا- يأخذ في الأرجل والمفاصل.
انظر: "لسان العرب" (١٤/ ٢٥٩).
وقد ورد في ذلك حديث أبي ذرٍّ -رضي الله عنه-، أنَّ النبيَّ - ﷺ - قال في "التين": "لو قلتُ إنَّ فاكهةً نزلت من الجنَّة؛ قلتُ هذه؛ وإن فاكهة الجنَّة بلا عَجَم، فكُلُوها، فإنها تقطع البواسير، وتنفع من النِّقْرِس".
قال الحافظ ابن حجر: "أخرجه أبو نعيم في "الطب"، والثعلبي، من حديث أبي ذرٍّ، وفي إسناده من لا يعرف". "تخريج أحاديث الكشاف" (٤/ ٧٧٣).
(٢) انظر: "الوسيط" للواحديِّ (٤/ ٥٢٣)، و"روح المعاني" للألوسي (١٥/ ٣٩٤ - ٣٩٥).
(٣) قال النحَّاس: "وهذا قولٌ يخالف ظاهر الآية، ولم ينقل عمن يكون قوله حُجَّة".
انظر: "تفسير السمعاني" (٦/ ٢٥٣)، و"الجامع" (٢٠/ ١١١).
قال ابن جرير الطبري: "والصواب من القول في ذلك عندنا، قول من قال: "التين": هو التين الذي يؤكل، و"الزيتون": هو الزيتون الذي يعصر منه الزيت؛ لأنَّ ذلك هو المعروف عند العرب، ولا يعرف جبل يسمى: تِينًا، ولا جبل يقال له: زيتون، إلا أن يقول قائل: أقسم ربُّنا -جل ثناؤه- بالتين والزيتون، والمراد من الكلام: القَسَم بمنابت التين، ومنابت الزيتون، فيكون ذلك مذهبًا، وإن لم يكن على صحة ذلك -أنه كذلك- دلالةٌ في ظاهر =


الصفحة التالية
Icon