والتعديل، وذلك صنعتُه -تبارك وتعالى- في قبضةٍ من ترابٍ، وصُنْعُهُ بالمشاهدة في نطفةٍ من ماءٍ. وذلك من أعظم الآيات الدالَّة على وجوده (١)، وقدرته، وحكمته، وعلمه، وصفات كماله، ولهذا يكررها كثيرًا في القرآن (٢) لمكان العبرة بها، والاستدلال بأقرب الطرق على وحدانيته، وعلى المبدأ والمَعَاد.
وتضمَّنَ إقسامُهُ بتلك الأمكنة الثلاثة الدالة عليه، وعلى علمه وحكمته = عنايته (٣) بخلقه؛ بأن أرسل منها رسلاً أنزل عليهم كتبه، ويُعرِّفون العباد بربِّهم، وحقوقه عليهمْ، وينذرونهم بأْسَهُ ونقمته، ويدعونهم إلى كرامته وثوابه.
ثُم لمَّا كان النَّاس في إجابة هذه الدعوة فريقين: منهم من أجابَ، ومنهم من أَبي = ذكر حال الفريقين، فذكر حال الأكثرين، وهم المردودون إلى أسفل سافلين.
والصحيح أنَّه النَّار، قاله: مجاهد، والحسن، وأبو العالية.
قال علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-: "هي النَّار بعضها أسفل من بعض" (٤).
وقالت طائفةٌ منهم: قتادة، وعكرمة، وعطاء، والكلبي،
(٢) في (ن): "في القرآن كثيرًا".
(٣) في جميع النسخ: وعنايته، بإثبات واو العطف، وحذفها أصح.
(٤) وهذا القول انتصر له شيخ الإسلام كما في "مجموع الفتاوى" (١٦/ ٢٧٩ - ٢٨٢)، واختاره ابن كثير في "تفسيره" (٨/ ٤٣٥).