كفران نعمته.
العاشر: أنَّ نظير هذه الآية قوله تعالى: ﴿فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (٢٤) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (٢٥)﴾ [الانشقاق/ ٢٤ - ٢٥]، فالعذاب الأليم هو "أسفل سافلين "، والمُسْتَثنَون هنا هم المُسْتَثنَون هناك، والأجر غير الممنون هنا هو المذكور هناك، والله أعلم.
وقوله: ﴿غَيْرُ مَمْنُونٍ (٦)﴾ أي (١): غير مقطوعٍ، ولا منقوصٍ، ولا مكدَّرٍ عليهم. هذا هو الصواب (٢).
وقالت طائفةٌ: غير ممنونٍ به عليهم، بل هو جزاء أعمالهم. ويذكر هذا عن: عكرمة، ومقاتل، وهو قول كثيرٍ من القَدَرِيَّة (٣).
قال هؤلاء: لأنَّ المِنَّةَ تكدِّرُ النِّعمة، فتمام النِّعمة بأن تكون غير ممنونٍ بها على المنعَم عليه.
وهذا القول خطأٌ قطعًا، أُتِيَ أربابُهُ من تشبيه نعمة الله على عبده بإنعام المخلوق على المخلوق، وهذا من أبطل الباطل؛ فإنَّ المِنَّة التي تكدِّرُ النِّعمة هي مِنَّةُ المخلوق على المخلوق، وأمَّا مِنَّةُ الخالق على المخلوق فبها تمامُ النِّعمة، ولذَّتُها، وطِيبُها، فإنَّها مِنَّةٌ حقيقيةٌ، قال
(٢) وهو قول أكثر المفسرين، وانظر: "جامع البيان " (١٢/ ٦٤١)، و"معالم التنزيل" (٨/ ٤٧٣)، و"المحرر الوجيز" (١٥/ ٥٠٥).
(٣) انظر: "تفسير مقاتل، (٣/ ٤٩٨)، و"مجاز القرآن، لأبي عبيدة (٢/ ٣٠٣)، و"الدر المنثور" (٦/ ٦٢١).
ونسبه الماوردي إلى: الحسن البصري. "النكت والعيون" (٦/ ٣٠٢).