وقيل: معناه أقبل (١)، فيكون كقوله: ﴿وَاللَّيْلِ (٢) إِذَا يَغْشَى (١) وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى (٢)﴾ [الليل / ١ - ٢].
فيكون قد أقسَمَ بإقبال الليل والنَّهار، وعلى الأوَّل يكون القَسَم واقعًا على انصرام الليل، ومجيء الصُّبْح عقيبه، وكلاهما من آيات ربوبيته.
ثُمَّ أقسَمَ بخلق الذَّكَر والأنثى، وذلك يتضمَّنُ الإقسامَ بالحيوان كلِّه على اختلاف أصنافه، ذَكَرِهِ وأُنْثَاه، وقابَلَ بين الذكَر والأنثى كما قابَلَ بين الليل والنَّهار، وكلُّ ذلك من آيات ربوبيته، فإنَّ إخراج الليل والنَّهار بواسطة الأجرام العُلْويَّة، كإخراج الذَّكَر والأنثى بواسطة الأجرام السُّفْلية، فأخرج من الأرض ذكورَ الحيوان وإناثَه على اختلاف أنواعه، كما أخرج من السماء الليلَ والنَّهارَ بواسطة الشمس فيها (٣).
واختاره: السمعاني في "تفسيره" (٦/ ١٦٩)، وابن كثير في "تفسيره" (٨/ ٣٣٨) وقال: "وقال كثير من علماء الأصول: إن لفظة "عَسْعَس" تستعمل في الإقبال والإدبار على وجه الاشتراك، فعلى هذا يصح أن يراد كلٌّ منهما، والله أعلم ".
وقال الزجَّاج: "يقال: عسعس الليل: إذا أقبل، وعسعس: إذا أدبر، والمعنيان يرجعان إلى شيءٍ واحدٍ، وهو ابتداء الظلام في أوله، وإدباره في آخره". "معاني القرآن" (٥/ ٢٩٢).
وعلماء اللغة يعدون لفظة "عَسْعَس" من الأضداد. انظر: "الأضداد" لقطرب (١٢٢)، و"الأضداد" للأنبارى (٣٢).
(٢) من قوله: "إذ أدبر... " إلى هنا؛ ملحق بهامش (ح).
(٣) في (ن): فيهما.