وَمَا أدري وسوف أخالُ أدْرِي أقومٌ آلُ حصنٍ أم نساءُ
وإما لتوبيخ بلا موجب كقول فاطمة الخارجية:
أيا شجر الخابور مَا لكَ مورقًا كأنك لم تجزع على ابن طَرِيف
ومعلومٌ أنه لا يجوز شيء من ذلك كله في القرآن لاستحالة التجاهل على الله تعالى.
وقد فطِن السكَّاكي لهذا فَعَدل عن لفظ "التجاهل"، وسماه سَوْق المعلوم مساق غيره لنكتة، ليدخل فيه مواضع من القرآن زعم أنها منه، وعبارة الجمهور بلفظ "التجاهل"، ولا تخفى استحالته على الله تعالى.
ومن ذلك أحد ضربي القول بالموجب؛ لأنه عند البلاغيين ضربان، وهو عندهم من البديع المعنوي أيضًا، وأحد ضربيه لا يجوز وقوع مثله في القرآن، وهو حمل لفظ وقع في كلام الغير على معنى يحتمله، وليس هو مراده، وذلك الحمل إنما يكون بذكر متعلق آخر غير المتعلق الذي يقصده المتكلم، أعني بذلك شيئًا يناسب المعنى المحمول عليه، سواء كان متعلقًا اصطلاحيًّا كالمفعول والجار والمجرور، أو لا.
فالأول كقوله:
قلت: ثقَّلْتُ إذ أتيتُ مرارًا... قال: ثَقَّلتَ كاهلي بالأيادي
قلتُ: طوَّلتُ. قال: لا؛ بل تطوَّلتَ... وأبرمتُ، قال: حبلَ ودادي
والشاهد في قوله: "ثقلت وأبرمت" دون قوله "طولت"؛ لأن مراده بقوله "ثقلت" يعني عليك؛ بأن حملتك المئونة الثقيلة والمشقة بإتياني مرارًا، فحَمَله المخاطب على غير مراد المتكلم بأن جعل معناه: أن


الصفحة التالية
Icon