معطل.
ومعلوم أنه لا يصف الله أعلمُ باللهِ من اللهِ، ولا يصف اللهَ بعدِ اللهِ أعلمُ به من رسول الله - ﷺ -: ﴿أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ﴾؟ ! [سورة البقرة: ١٤٠].
ومن شبه وصف ربه بصفات المخلوق فهو مُشَبِّه ملحد، وكل تعطيلٍ ناشيء عن تشبيه، ومن آمن بصفات ربه منزهًا له عن التشبيه والتمثيل بصفات الحوادث فهو مؤمن موحد سالم من ورطة التشبيه والتعطيل، جامع بين الإيمان والتنزيه.
والدليل على ما ذكرنا من أن تحرير المقام حاصل بالأمرين المذكورين قوله تعالى: ﴿لَيسَ كَمِثْلِهِ شَيءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (١١)﴾ [سورة الشورى، الآية: ١١]. فقوله: ﴿لَيسَ كَمِثْلِهِ شَيءٌ﴾ فيه نفي التمثيل، وقوله: ﴿وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (١١)﴾ فيه إثبات المصفات على الحقيقة. وإذا كان نافي بعض الصفات يضطر إلى الاعتراف بأنه جل وعلا ذات مخالفة لجميع الذوات، فعليه أن يعترف بأنه متصف بصفات لا يماثلها شيء من صفات المخلوقين، فصفاته تخالف صفاتهم كمخالفة ذاته لذواتهم.
فإن قيل: يلزم من إثبات صفة الوجه، واليد، والاستواء، ونحو ذلك مشابهة الخلق؟
فالجواب: أن وصفه بذلك لا يلزمه مشابهة الخلق، كما لم يلزم من وصفه بالسمع والبصر مشابهة الحوادث التي تسمع وتبصر؛ بل هو تعالى متصف بتلك الصفات المذكورة التي هي صفات كمال وجلال


الصفحة التالية
Icon