المتصلة اللزومية إنما يتواردان على صحة الربط بين المقدم والتالي سواء كانا موجودين في الخارج أو لا، فهي تكون صادقة مع كونها كاذبة الطرفين لو أزيل الربط بين المقدم والتالي فصار كل واحد منهما بإزالة الربط قضية حملية مستقلة، ألا ترى أن قوله تعالى: ﴿لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إلا اللَّهُ لَفَسَدَتَا﴾ [سورة الأنبياء: ٢٢] شرطية صادقة بلا شك مع أن أداة الربط لو أزيلت كان المقدم قضية حملية كاذبة، وهي ﴿كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إلا اللَّهُ﴾، سبحانه وتعالى عن ذلك علوَّا كبيرًا، وصار التالي أيضًا ﴿فَسَدَتَا﴾ أي: السموات والأرض؛ لأنَّ مدار الصدق في الشرطيات على صحة الربط، سواء كان المقدم والتالي موجودين في الخارج أو لا، كما هو معروف في محله، فظهر من هذا أن قول الخصم: "لو كان مستويًا على العرش لكان مشابهًا للحوادث" شرطية كاذبة؛ لأن الاستواء على العرش لا يلزمه مشابهة الحوادث ألبتة؛ بل هو تعالى مستوٍ على عرشه كما قال من غير مماثلة ولا مشابهة لاستواء الحادث، والاعتراف بهذا يلزم الخصم لاعترافه بنظيره في كونه تعالى سميعًا بصيرًا قادرًا مريدًا... إلخ.
وأنه لم يلزم من ذلك مشابهة الحوادث التي تسمع وتبصر وتقدر وتريد، وكلهم يعترف بأنه موجود والحوادث موجودة ولم يلزم من ذلك المشابهة، والكل من باب واحد، وإنما تصدق الشرطية المذكورة لو كانت مسورة بسور جزئي كما لو قيل: قد يكون إذا كان الشيء مستويًا على حادث كان مشابهًا للحوادث؛ لأن الاستواء على المخلوق


الصفحة التالية
Icon