النظم القرآني على نسقه وترتيبه، والاستفادة من تنوع القراءات المتواترة في إثراء المعنى فلا نرجح قراءة متواترة على قراءة أخرى متواترة، ولا يجوز رد القراءة المتواترة ولا تضعيفها، وينبغي أن يجتهد المفسر في التوفيق بين الأقوال حيث لا تعارض بينها، وأن يراعي في تفسيره مقتضيات العصر ومستجداته ومعطياته العلمية.
أما ما ورد من أقوال مختلفة في التفسير لا يمكن الجمع بينها بوجه من الوجوه: فسبيلنا فيها النظر في صحة تلك الآراء المتناقضة فنقدم الصحيح على الضعيف، ويقدم تفسير الصحابة على تفسير التابعين، فإن كان الخلاف في تفسير الصحابة ينظر في الأمر: فإن كان للصحابي الواحد قولان متناقضان ينظر في المتأخر منهما فيعتمد لأنه يدل على تراجعه عن رأيه القديم، فقد يرى رأياً ثم يثبت له بعد ذلك ضعفه، وإن خالف الصحابي الواحد سائر الصحابة يقدم رأي جمهور الصحابة على رأي الواحد منهم، وإن خالف رأي صحابي رأي صحابي آخر يقدم رأي أرسخهما قدماً في التفسير كابن عباس رضي الله عنهما وهذا ما ذهب إليه الزركشي، لأن الرسول - ﷺ - دعا لابن عباس فقال: " اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل "
أما إذا تعارض التفسير بالرأي مع التفسير النبوي ولم يمكن التوفيق بينهما: فيقدم التفسير النبوي لأنه لا اجتهاد مع نص، وكذا إذا تعارض التفسير بالرأي مع ما ثبت من أقوال الصحابة؛ لأن ما يصح نسبته إلى الصحابة في التفسير النفس إليه أميل؛ لاحتمال سماعه من الرسول - ﷺ -، ولما امتازوا به من الفهم الصحيح والعمل الصالح، ولما اختصوا به من معاينة أسباب التنزيل.


الصفحة التالية
Icon