المراد بـ ﴿بَدَا لَهُمْ﴾ الإيمان، مستندا في ذلك إلى القاعدة الترجيحية حيث قوله تعالى: ﴿رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ﴾ (١).
أما ما اختاره الطبري وغيره من المفسرين من أنهم بدت لهم أعمالهم، السيئة أو شركهم، وغيرها من الأقوال أراها والله تعالى أعلم قد جانبت الصواب، لأن الآيات في معرض الحديث عن المشركين والكافرين، وهم لم يكونوا يخفون أعمالهم أو وشركهم بل على العكس من ذلك كانوا يكابرون ويجادلون.
ومما يعضد هذا القول القاعدة الترجيحية (القول الذي يدل عليه السياق أولى من غيره)، وسياق الآيات التي تسبق الآية موضع البحث تعضد هذا القول، والأمر يبدو جليا لمن يقرأها قال تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا حَتَّى إِذَا جَاءُوكَ يُجَادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (٢٥) وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ وَإِنْ يُهْلِكُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (٢٦) وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَالَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٢٧) بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا
_________
(١) سورة الحجر، الآية (٢).