تعالى على المعروف من كلام العرب) ومن المعروف عند العرب أن الصلصال هو الطين اليابس، قال ابن منظور: " الصلصال من الطين مالم يجعل خزفاً سمي به لتصلصله، وكل ما جفّ من طين أو فخار فقد صلّ صليلاً وطين صلال ومصلال أي يصوت الخزف الجديد " (١).
أما قول من قال بأنه الطين المنتن فهذا قول مردود، وقد ردّ الطبري والرازي هذا القول، وبينا ضعفه.
قال الطبري: " ولو كان معناه في ذلك المُنتِن لم يشبهه بالفخارِّ، لأن الفخار ليس بمنتن فيشبَّه به في النتن غيره " (٢).
وكذلك ضعّفه الرازي بقوله: " وهذا القول عندي ضعيف، لأنه تعالى قال: ﴿مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ﴾ وكونه حمأ مسنوناً يدل على النتن والتغير، وظاهر الآية يدل على أن هذا الصلصال إنما تولد من الحمأ المسنون، فوجب أن يكون كونه صلصالاً مغايراً لكونه حمأ مسنوناً، ولو كان كونه صلصالاً عبارة عن النتن والتغير لم يبق بين كونه صلصالاً، وبين كونه حمأ مسنوناً تفاوت " (٣).
وقد وضَّح الشنقيطي هذا الإشكال الذي وقع لبعض المفسرين في مسألة خلق الإنسان، وبيّن أنه لا تعارض بين الآيات، وإنما الآيات تدل على أن الله خلق الإنسان على مراحل أو أطوار، يقول الشنقيطي: " في قوله تعالى: {وَلَقَدْ
_________
(١) لسان العرب/ ابن منظور، ج ٧، ص ٣٩٢، مادة: صلل.
(٢) جامع البيان / الطبري، ج ١٤، ص ٣٧.
(٣) التفسير الكبير / الرازي، ج ٧، ص ١٣٨.