يقل: "إذ قال لهم أخوهم شعيب"، وإنما قال: ﴿إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ﴾، فقطع نسبة الأخوة بينهم؛ للمعنى الذي نسبوا إليه، وإن كان أخاهم نسبا، ومن الناس مَنْ لم يتفطن لهذه النكتة، فظن أن أصحاب الأيكة غير أهل مدين، فزعم أن شعيبًا عليه السلام، بعثه الله إلى أمتين، ومنهم مَنْ قال: ثلاث أمم " (١).
وقال القاسمي: " والصحيح أنهم أمة واحدة. وصفوا في كل مقام بشيء، ولذلك وعظ هؤلاء وأمرهم بوفاء المكيال والميزان، كما في قصة مدين سواء بسواء، فدل ذلك على أنهما أمة واحدة " (٢).
القول الراجح:
هو ما رجحه الطبري وغيره في أنهما أمة واحدة.
قال الطبري: " وأصحاب الأيكة: هم أهل مدين، والأيكة: الشجر، بعث الله شعيباً إلى قومه من أهل مدين، وإلى أهل البادية، قال: وهم أصحاب لأيكة، وليكة ولأيكة: واحد " (٣).
قلت: وإن قيل أن ما رجحه ابن عاشور ومن سبقه من المفسرين استدلوا به بمقتضى القاعدة الترجيحية أي ما فسرته آيات أخرى، قلنا: إن أصحاب القول الثاني أيضاً استدلوا على قولهم بدلالة الآيات الأخرى.
وفي ذلك يقول الشنقيطي: " قال أكثر أهل العلم: إن أصحاب الأيكة هم
_________
(١) تفسير القرآن العظيم / ابن كثير، ج ١٠، ص ٣٦٦.
(٢) محاسن التأويل / القاسمي، ج ٧، ص ٤٩٣.
(٣) جامع البيان / الطبري، ج ١٩، ص ١٢٣ - ١٢٤.


الصفحة التالية
Icon